اختلاف وخلاف بين الحسابات البنكية وفواتير الاتصالات
من يطلع على الفواتير الصادرة من شركات الاتصالات يجد فيها تفاصيل دقيقة لعدد المكالمات، والأرقام المتصل بها، وفترة الاتصال بالدقائق والثواني، وقيمة كل اتصال بالثانية الواحدة. كما تتضمن فواتير الاتصالات جميع الخدمات المشترك بها، وباقة التسعير، والاتصالات المحلية، والدولية، والاتصالات داخل الشبكة وخارجها. وعديد من التفاصيل التي قد تغنيك عن التمحيص، بل إنها تفتح لك آفاقا في طرح أسئلة أخرى في مدى احتياجك إلى أي من الخدمات الموجودة في الفاتورة، وتساعدك في نهاية المطاف على إلغاء بعض الخدمات أو إضافة البعض الآخر. كما تسهم في قدرة الشخص على التوفير بخفض بعض المكالمات أو استخدام باقات أخرى، وهكذا.
ولعلني أسهبت في كل تلك التفاصيل الدقيقة لفواتير شركات الاتصالات رغبة مني في مقارنتها مع ما ينشر في كشوف الحسابات البنكية. فالحسابات البنكية تفتقر إلى التفاصيل. فأنت تشتري سلعة من خارج المملكة باليورو أو الدولار أو أية عملة أخرى ولا تجد سعر صرف التحويل. وتقوم بعملية تحويل بين حسابك وحسابات عملاء آخرين داخل المملكة ولا تجد بندا منفصلا يبين عمولة التحويل. وتقوم بعملية تحويل خارجية، ولا تعرف سعر الصرف ابتداء، خصوصاً إذا كان التحويل عن طريق الإنترنت. وقد يتم حسم مبالغ خدمات وأتعاب بنكية، ولكنك لا تعرف لماذا حسمت هذه المبالغ، إذ لا توجد تفاصيل تبين ذلك. أو قد تستخدم مصطلحات بنكية لا يعرفها الشخص العادي. وبناء على كل ذلك الغموض، تجد نفسك مضطراً لعمل الحسابات بنفسك لمعرفة سعر الصرف، وطريقة احتساب الخدمات والعمولات وتفسيرها، علاوة على تبريرك لها.
وفي كل الأحوال (فواتير الاتصالات، وكشوفات الحسابات البنكية)، فإن الاستفسارات تتزايد والأسئلة تتعاظم، لذلك تكثر الاتصالات بخدمات العملاء في البنوك، وتزدحم الفروع بالشكاوى، ولكن المشكلة تظل عالقة أو قد تتفاقم. ففي معظم الأحوال، لا يمتلك الموظف في الفرع أو عن طريق الهاتف المصرفي الإجابات لضعف التدريب والتدريب على رأس العمل. فيضطر لرفعها لإدارة البنك، ومن ثم تأخذ وقتاً وجهداً كبيرين قد تنتهي بإجابة بسيطة ومقنعة، يمكن تلافيهما لو كانت الحسابات البنكية ميسرة ومفصلة وسهلة الفهم. وقد يقول قائل، إن الشكاوى والاتصالات بشركات الاتصالات أعم وأشمل. وقد يكون ذلك صحيحاً، إلا أن الدقة في التفصيل جعلت حدة الشكاوى تقل، وفي أحايين كثيرة قد يجد المتصل بشركات الاتصالات إجابة شافية وكافية من أول موظف يتحدث معه.
وفي اعتقادي أن على مؤسسة النقد أن تطلب من البنوك التفصيل في كشوف الحسابات، خصوصاً أن بنوكنا المحلية سباقة ومتقدمة في التقنية البنكية بشكل كبير، مما يسهل معها الاستجابة وتزويد العملاء بتفصيل التفاصيل. إن التقدم التقني والأنظمة المتقدمة لدى البنوك تجعلنا نلح على التفصيل في كشوفات الحسابات للعملاء في سبيل مزيد من الإفصاح والشفافية، وتخفيفاً لضغط الشكاوى والاتصالات، وحفظاً لحقوق الأطراف، مع ما يسهم ذلك في زيادة الوعي لدى العملاء بمدى أهمية العمليات البنكية، ومدى قدرتهم على الاستفادة منها، بزيادة الطلب عليها، أو تقليص بعض الاستخدامات، مع ما ينطوي على ذلك من قدرة على التوفير. كما أن ذلك يساعد العملاء على معرفة نقاط قوة وضعف بنك عن آخر، ودرجة الاستفادة من أي منهما مما يزيد من المنافسة بين البنوك في كل الخدمات.