الصحة .. في عيون دولية
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية د. مارجريت تشان في زيارتها الثانية للمملكة التي تمت الأسبوع الماضي، لاحظت مدى التقدم الكبير الذي حصلت عليه المرأة في السعودية، فبعد أربع سنوات وجدت أن القطاع الصحي السعودي حظي بتفوق نوعي وكمي في مجال استقطاب المرأة، إلا أنها ما زالت تعتقد أننا لم نفعل ما هو مطلوب في مجال رفع عدد الممرضات السعوديات، وترى أن التوسع في ذلك يخدم الطبيعة المحافظة للمجتمع السعودي ويساعد على تقديم الخدمات الصحية الخاصة بالنساء.
طبعا معها حق في تقديرها الإيجابي لارتفاع مساهمة المرأة ليس في الصحة بل في مجالات أخرى، ومعها حق أيضا في عدم قدرتنا على التوسع في كليات التمريض، ولكن استكمال البنية الأساسية لمؤسسات التعليم العالي في السنوات القادمة سيتيح المجال للتوسع في تعليم التمريض عبر الجامعات السعودية، وكل ذلك جاء وسوف يأتي كثمرة لمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله لتوسيع قاعدة التعليم العالي.
مديرة منظمة الصحة العالمية تحدثت في أكثر من مناسبة عن إعجابها الكبير بالمشروع الكبير الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين لمواصلة دعم الدولة لكل ما تحتاج إليه المرأة في مجالات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والعمل.
وفي اللقاء الثاني الذي تم معها بعد زيارتها لوزارة الصحة الثلاثاء الماضي، تحدثت باستفاضة عن أهمية الخطوات التي يتخذها الملك عبد الله في مجالات كثيرة وقالت: «بحكم عملي أتابع التقارير المحلية الدولية المستقلة، وأجد أن الملك عبد الله يقوم بخطوات رئيسية وحيوية لدعم برامج التنمية المستدامة بالذات في التعليم والصحة».
ومما يثير تقديرها أيضا الجهود التي تبذلها المملكة لإدارة الحشود البشرية في موسم الحج, وقالت إن هناك تحديات كبيرة تغلبت عليها المملكة في سبيل استقرار موسم الحج والتعامل مع مشاكله الأساسية، وتقترح في مجال السلامة الصحية للحجاج أن تبادر المملكة إلى تبني مشروع للتوعية بسلامة الغذاء والدواء وترى أن ما يجلبه الحجاج من مأكولات وأدوية إلى السعودية له مخاطره الصحية.
من الأمور التي لفتت انتباهها (مشروع الرعاية الصحية الشاملة المتكاملة) الذي تستعد المملكة لإطلاقه, ففي تقديرها أن الملك عبد الله عبر هذا المشروع سوف يأخذ القطاع الصحي السعودي إلى مرحلة متقدمة في نشر الرعاية الصحية بالذات ما يخص خدمات الرعاية الصحية الأولية، فهذا الجانب ترى أنه هو الأهم في الوقاية من الأمراض, والمنظمة تحث الدول على الاهتمام بهذا الجانب والاستثمار فيه، وأكثر ما يزعجها في الوضع الصحي السعودي هو ارتفاع نسبة الإصابة بالسكري، حيث ربع السكان مصاب بهذا الداء وفي تصورها أن هذا يجب أن يكون مصدر قلق ودافعا قويا لتبني مشاريع الرعاية الصحية الأولية.
مشروع الرعاية الصحية المتكاملة في تقديرها أن العائد لهذا المشروع يتجاوز القطاع الصحي، وذكرت أن منظمة الصحة العالمية تنصح الدول بضرورة التوسع في الإنفاق الصحي لأن عائده على الاقتصاد متعدد وواسع، فهي ترى أن الإنفاق يعتبر (استثمار) في الاستقرار الاجتماعي لأن القطاع الصحي من أكثر القطاعات التي توظف القوى البشرية، ويقدم فرص استثمار واسعة لمؤسسات وشركات القطاع الخاص.
هذه المسؤولة الدولية قالت رأيها ومضت ولم تقل ذلك في سياق مشروع أو بحثا عن دعم أو رغبة في الإطراء لأجل الثناء، إنما تعبر عن تقديرها الصادق لجهود الملك عبد الله كزعيم تخطت أقواله وأفعاله حدودنا لينشر خير بلادنا أيضا للعالم، ومما أشارت إليه المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية أهمية مشاركة المملكة في برامج التنمية الإنسانية في العالم, وترى أن المواطن السعودي يجب أن يشعر بالفخر والاعتزاز وهو يرى بلده يسهم بما يقارب 7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لبلاده في البرامج التي تدعم الفقراء حول العالم. وقالت: «هذا محل تقدير عالمي وأرجو أن يعرف المواطن السعودي ذلك، يجب أن تتحدثوا في الإعلام عن هذا، شيء إيجابي أن يشعر المواطن عندكم أو في أي مكان أنه مواطن عالمي». وتقصد أن ذلك يسهم في الارتقاء بالناس للإحساس المشترك بالقضايا والتحديات التي تواجه البشرية جمعاء.