إدماج حقوق الإنسان دولياً
تعرضنا في المقالة السابقة للدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في الاهتمام بحقوق الإنسان، وكيف أنها سخرت الوكالات التي لها علاقة بتلك الحقوق، وكذلك البرامج والصناديق والأنشطة المتعددة في مجال التعليم والتثقيف والتدريب كل ذلك دل على اهتمام الأمم المتحدة بتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية له وكرامته، وأشرت إلى أن على الدول النامية أن لا تشعر بالحرج ولا تتردد في طلب مساندة الأمم المتحدة لإنشاء أو تقوية وزيادة تنمية كل الجمعيات الوطنية والهيئات الحكومية التي لها علاقة بحقوق الإنسان حتى لو كانت تلك الدول النامية ذات ثروة كبيرة، فإنها لا تستغني عن المستشارين والمقيمين والمساندة الفنية لأن من طبيعة الأمم المتحدة ألا تتدخل صراحة في شؤون الدول الداخلية ولا تفرض عليها ما يجب أن تعمله لرفع مستوى الدفاع عن حقوق الإنسان، وتعزيز ذلك بنشر ثقافة حقوق الإنسان, لكن يجب الإشارة إلى أن المؤتمرات والمنتديات الدولية ومجلس حقوق الإنسان في جنيف عادة ما يشعرون الدول بصفة عامة بأهمية رفع مستوى مؤسساتها وجمعيات حقوق الإنسان الحكومية والأهلية والآن مع:
برامج الإصلاح الدولي
سبق أن أطلق الأمين العام للأمم المتحدة في عام 1997 برنامجاً إصلاحياً يؤدي إلى إدماج حقوق الإنسان في أعمال منظومة الأمم المتحدة برمتها وإيجاد أدوات ووسائل عملية تؤدي إلى تنفيذ ما ورد في مؤتمر فينا العالمي لحقوق الإنسان من خطط وتوصيات والذي عقد في عام 1993م، وكانت نتيجة تلك الجهود إحراز تقدم ملموس في سياسات وأنشطة حقوق الإنسان في مختلف وكالات وبرامج الأمم المتحدة، كما أدى صدور تقرير الأمين العام عام 2001م الذي أطلق عليه اسم (تعزيز الأمم المتحدة)، وأدى ذلك إلى وجود برنامج لإجراء كثير من التعديلات والتطورات الضرورية كل ذلك أدى لتعزيز حقوق الإنسان ونتج عن ذلك مزيد من الإصلاح مما شكل اهتماما ورؤية واضحة للدفاع عن حقوق الإنسان وإيجاد بيئة سليمة وعالم يؤمن بالعدل والمساواة ويحارب الظلم وانتهاك حقوق الإنسان ويشير بالبنان إلى الأشخاص أو الدول التي لا تتردد في انتهاك تلك الحقوق، وتبلورت رسالة الأمم المتحدة إلى ضرورة بناء القدرات والحراك الإنساني الذي يؤدي إلى حث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في زيادة تنمية استكمال بناء أنظمة وطنية تؤدي إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان، ومن أهم ما ورد في تقرير الأمين العام المذكور أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة صممت على ترقية قدراتها لتطبيق مبادئ حقوق الإنسان وممارستها بما في ذلك حقوق الأقليات وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق المهاجرين وبناء مؤسسات حقوقية قوية وكل ذلك سيؤدي إلى المدى الطويل لحماية حقوق الإنسان ونشر ثقافتها في المجتمع، وفي الدوائر الحكومية وهذا سيؤدي إلى نهضة ملموسة في المجال الحقوقي، وسيكون من أهم الدلائل على نجاح مؤسسات حقوق الإنسان في أي بلد أنها تعكس التزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة تلك البلدان التي كانت مسرحاً للصراعات والتناحر والعنف مما أدى إلى انتهاكات شنيعة لحقوق الإنسان، كما أن من المُشرف أن نشير إلى أن الجمعية العامة باعتبارها أعلى هيئات الأمم المتحدة التي تضع القوانين – لم تتردد تلك الجمعية ولم تتوقف عند حد الكفالة، فقامت باعتماد مجموعة هائلة من الاتفاقيات والإعلانات عن مبادئ حقوق الإنسان وصكوكها بل قامت بمناقشة الحالة الراهنة لحقوق الإنسان في كثير من الدول وتقوم باعتماد ما يتفق مع مسؤولياتها وذلك عن طريق لجنتها الثالثة المسؤولة عن الشؤون الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في مجال حقوق الإنسان، وفي الحلقة (143) نكمل ما تبقى.