اليوم الوطني لفلسطين وإسرائيل
تختار الدول عادة يوماً يكون يومها الوطني national day ويكون يومها الوطني ذكرى لمناسبة تعتز بها الدولة، ويسمى العيد القومي أو العيد الوطني فالمملكة العربية السعودية جعلت يومها الوطني يوم 23 أيلول (سبتمبر) في ذكرى إنشاء المملكة كوحدة سياسية وحد المغفور له مؤسس المملكة الملك عبد العزيز بن سعود أجزاء الجزيرة في دولة واحدة عام 1932 على أسس واضحة عربية وإسلامية. ولكن الاحتفال بالذكرى كل عام هو احتفال بالتاريخ واحتفال بالإنجازات التي تمت خلال العام. وفي الولايات المتحدة يتم الاحتفال بيوم استقلال الولايات المتحدة التي اتحدت بعد تحريرها من الاستعمار البريطاني، كما يتم الاحتفال باستمرار نظامها الديمقراطي وإنجازات إدارتها كدولة عظمى. وهكذا تختار كل دولة الذكرى التي تراها مدعاة للاعتزاز والفخر فما هو العيد الوطني لفلسطين؟ وما هو العيد الوطني لإسرائيل؟
فيما يتعلق بالعيد الوطني لفلسطين، هل يجب أن يكون العيد الوطني لدولة؟ وما دامت فلسطين لا تزال كياناً سياسياً أدنى من الدولة فإن مسألة العيد الوطني لها ليست مطروحة. فهل يمكن أن يعتبر الفلسطينيون عيدهم الوطني هو يوم إطلاق المقاومة المسلحة أم قيام منظمة التحرير الفلسطينية أم قيام السلطة بموجب أوسلو؟ ليس هناك إجماع فلسطيني على أوسلو ونتائجها، ولكن الإجماع منعقد والاعتزار قائم بانطلاق المقاومة وقيام منظمة التحرير بصرف النظر عن تذبذب البعض من فكرة المقاومة في ظروفها الحاضرة أو حال منظمة التحرير حالياً لكن لا شبهة في الإجماع على أن لهذا الشعب الحق في المقاومة وفي أن يكون له كيان سياسي يدير كفاحه المسلح والسياسي.
أما في إسرائيل، فقد اعتبرت إسرائيل أن عيدها الوطني هو يوم قيام الدولة، وهو يوم النكبة في فلسطين والعالم العربي، وتسمي إسرائيل هذا اليوم يوم الاستقلال، وهي حالة فريدة في التاريخ، فكل إضافة لإسرائيل هي خصم من الجسم العربي، ولذلك لا نظن أن العرف المتعلق بالتهنئة بذكرى اليوم الوطني يمكن أن ينطبق على إسرائيل، لأن عيدها الوطني هو مأتم عربي، ولا يجوز ذلك حتى لو اعترفت بها الدول العربية قاطبة، لأن التهنئة من المجاملات التي تتوقف على حسن العلاقات وليست من الالتزامات القانونية التي ترتبها معاهدات السلام. ولكن الخلط المتعمد بين المجاملة والالتزام القانوني واضح في حالة إسرائيل. وللأجيال العربية أن تعرف أن إعلان الاستقلال بزعم أن الجالية اليهودية في فلسطين شكلت حركة للتحرر الوطني ضد الاستعمار البريطاني لفلسطين وهي التي حررت هذا الوطن، فإن إسرائيل تقول أيضاً إنها تطرد الفلسطينيين حتى تحتفل بالتحرر الثاني ممن زعم أنهم اغتصبوا أرض الأجداد. لقد زعمت إسرائيل أن عصاباتها التي روعت الفلسطينيين هي حركة التحرر وأن الصهيونية هي القومية اليهودية ونخشى أن يؤدي الإلحاح على هذه الخرافات إلى استقرارها في الذهن العربي وكأنها مسلمات ما دام لا ينازعها ويفندها أحد. فهل تعتزم إسرائيل أن تغير ذكرى عيدها الوطني يوم أن يتم إنشاء الدولة اليهودية في فلسطين أم سيظل يوم قيامها على جثة الفلسطينيين هو الذكرى التاريخية للدولة اليهودية قبل أن تتحول إلى دولة لليهود؟ وهل يعلن للفلسطينيين عيد وطني في مناسبة مقبلة؟!