القانون الدولي لحقوق الإنسان

«تكامل وترابط حقوق الإنسان» كان عنوان المقالة السابقة، حيث دار الحديث عن المبادئ الأساسية الثلاثة للإنسان، واستعرضنا مبدأين منها، وهما عالمية حقوق الإنسان، لأن كرامة كل إنسان في العالم هي شيء أساسي وضروري لحياة الإنسان مهما كان موقعه أو دينه أو لونه أو أي مميز آخر، لذلك أقبلت جميع الشعوب والدول على المناداة بمبدأ الكرامة وتأييده واحترامه، لأنه جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان وحاجته الماسة إلى حق الكرامة. والمبدأ الثاني بإيجاز أن حقوق الإنسان غير قابلة للتصرف؛ أي لا يجوز سلب أو تجريد أي شخص من أي حقوق له إلا بموجب القانون عندما تتوصل محكمة قضائية إلى إثبات جرم معين على شخص ما، عند ذلك يمكن وبشكل مؤقت حرمان الشخص من حريته حتى تنتهي فترة العقوبة، وفي هذه الحلقة نبدأ في شرح المبدأ الثالث والأخير للمبادئ الأساسية المذكورة، وهي: حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة بسبب ترابط تلك الحقوق مع بعضها البعض، وهي أشبه ما تكون بحلقات السلسلة التي تعتمد كل حلقة على الأخرى ـــ مهما كان حجم أو موقع أي حلقة من السلسلة ـــ، لذا فإن انتهاك أحد الحقوق يؤثر في تفعيل وممارسة الحقوق الأخرى، فمثلا: حق الإنسان في الحياة يفترض مسبقا احترام الحق في الحصول على الغذاء والشراب والسكن وكذا حق الإنسان في الحصول على عمل، وكذلك حق الإنسان في التعليم وخاصة التعليم الأساس.. كما أن الدفاع عن حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يفترض مسبقا احترام حرية التعبير وتكوين الجمعيات، لذلك فإن مجموعة حقوق الإنسان الرئيسة والفرعية تتكامل مع بعضها البعض، وتعتبر كلها متساوية مع بعضها، وهي أشبه ما تكون بأعضاء جسم الإنسان التي تعمل بالتكامل والتنسيق بينها وتعاونها الشامل حتى يعيش الإنسان في صحة وسعادة تامتين. وقد أكد المجتمع الدولي المفهومَ الكلي لحقوق الإنسان في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقد في فينا عام 1993م، والآن مع مجموعة من التعاريف والمصطلحات والمعلومات التي تزيد وتنمي الثقافة في مجال حقوق الإنسان، المستقاة من مراجع رسمية، وخاصة ما يصدر من منظمة الأمم المتحدة وفروعها ذات العلاقة، والآن مع:
نشأة القانون الدولي لحقوق الإنسان
للقانون الدولي لحقوق الإنسان علاقة مباشرة وقوية بالقانون الدولي، فعندما ظهرت في القانون الدولي كلمة (التدخل الإنساني ...)، وأنه مشروع ضروري في الحالات التي ترتكب فيها إحدى الدول جرائم وفظائع ضد مواطنيها، وتسبب ظلماً جائراً وصدمة كبيرة للضمير الإنساني ـــ عندما تم ذلك بالإضافة إلى حركة ونشاط الصليب الأحمر وخاصة في الدول الغربية وإنشاء منظمة العمل الدولية في عام 1919م التي أدت إلى إبرام اتفاقيات جنيف والاتفاقيات الدولية الأولى التي تهدف إلى حماية العمال الصناعيين من الاستغلال اللاإنساني للعمل وتحسين بيئة العمل ورفع الرواتب كل ذلك ساعد على ولادة القانون الدولي لحقوق الإنسان.. كما أن معاهدات الأقليات التي عقدت بعد الحرب العالمية الأولى التي أسهمت في حماية حقوق الأقليات الإثنية (العرقية) واللغوية كان لها هي الأخرى مساهمة في نشأة القانون المذكور، ومن المتعارف عليه أن نشأة القانون الدولي لحقوق الإنسان اكتملت نشأته وبدأ في الظهور في القرن التاسع عشر، وفي الحلقة (140) نكمل ما أمكن من التعاريف والمعلومات المشار إليها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي