المقالات «الاقتصاسية»
المقالات ''الاقتصاسية''، هي المقالات التي تكتب في الاقتصاد من منطلق سياسي وليس اقتصاديا. وفي الغالب يكتب تلك المقالات غير المتخصصين في الاقتصاد أو غير المطلعين عليه بشكل قريب، أو كتاب يخدمون أهداف جماعات محددة. وتنتشر تلك المقالات في صحافتنا بكثرة, حيث إن معظم الكتاب يدافعون عن سياسات جهة معينة أو ينتقدون سياساتها لتحقيق أهداف جماعات محددة أو أهداف شخصية. وهناك كتاب آخرون يكتبون من منطلقات أوسع هي خدمة المصلحة العامة فيما أسميه ''الكتابة الاقتصاسية''، أو مصلحة الاقتصاد ككل في حال الكاتب المتخصص فيما أسميه ''الكتابة الاقتصادية'' الحقيقية. وتنطلي على بعض الكتاب ــ حتى ولو كان قصد الكاتب أن يكون حياديا ــ بعض البيانات والتصريحات الرسمية وغير الرسمية، ويؤمن ببعض الإحصاءات والدراسات، فينقلها على علاتها، ويعود ذلك إلى نقص الخبرة، وعدم الاطلاع الواسع على تفاصيل الأمور، ما يجعل بعض المقالات الصحافية تتسم بالبلادة.
وبنطبق الكلام السابق على بعض الصحافيين, خصوصاً في الصحافة الاقتصادية، الذين يسعون إلى تحقيق سبق صحافي، أو تحقيق نشاط ملموس لصحيفتهم, فبمجرد سماعهم خبرا ما، فإنهم يحاولون السعي إلى تغطيته قبل التحقق من فهمهم له وتمحيصه، ومن ثم وضع الأسئلة الصحافية والتحقيقية التي تضيف إلى الخبر وتحوله إلى تحقيق صحافي متكامل. وفي هذا الخصوص، فإن هناك بعض الصحافيين ممن لا تتوافر فيهم المهارات اللازمة، والخلفية المعلوماتية الكافية لكتابة تقرير صحافي، ما يوقع بعض المشاركين بآرائهم في التقرير بعد نشره في حرج، إذ يتضح عدم قدرة الصحافي على صياغة الإجابات ووضعها في سياقها الصحيح، ما يضعف التقرير الصحافي نفسه، ويضع بعض المشاركين في حرج من جراء سوء الفهم والنقل والصياغة غير الصحيحة.
وتشرفت بالتقاء الأمير سلمان بن عبد العزيز مع مجموعة من الكتاب، وأذهلني حسه الصحافي الكبير، واطلاعه الواسع، وثقافته العميقة، ما جعلني أستشهد به هنا. فقد تطرق ـــ حفظه الله ـــ إلى الجزئية بعاليه المتعلقة بالتحقيقات الصحافية غير مكتملة الجوانب، التي لا تبذل جهدا كافياً في جمع المعلومات من مصادرها الرئيسة، ما يخلق تشوهات صحافية أصبحنا نعانيها نحن المعلقين على الشأن الاقتصادي والمالي والاستثماري في البلاد. فعلاوة على أن هناك صحافيين يسـيئون الفهم ومن ثم يصيغون أقوالنا بطريقة غير واضحة، فإن كثيرا من القراء والمتابعين والمحبين أيضاً يتواصل معنا من أجل نشر أفكار وآراء قد لا نؤمن بها، أو تهدف خدمة فئة معينة على حساب مصلحة عامة، ما يوقعنا في حرج شديد.
من هنا، تخرج لنا المقالات والتقارير ''الاقتصاسية'' بسبب ضعف الخبرة، وعدم وجود التخصص المناسب في المال والأعمال والاقتصاد، وعدم استيفاء المعلومات الكافية والضرورية لتكوين فكرة ورأي واضحين، وصعوبة وضع الأسئلة, خصوصاً من قبل بعض الصحافيين الذين يكتفون بالسؤال الأوحد: ما رأيك؟ ولا يستطيع الاستطراد في أسئلة أخرى للحصول على إجابات أكثر تحديداً وخدمة للتقرير نفسه. يضاف إلى ذلك، أن بعض المعلقين والكتاب والصحافيين يسعون إلى خدمة أهداف جماعات محددة، أو أهداف شخصية، ما يجعلنا نعاني كثرة المقالات والتقارير ''الاقتصاسية''.