لماذا يخيفهم تسلح السعودية؟!

إذا كان أبو الطيب المتنبي يوصف بأنه مالئ الدنيا وشاغل الناس، فهذا الوصف يجب أن يُطلق في عصرنا الحاضر على المملكة العربية السعودية، فكل ما يجري فيها من أحداث، أو يخرج منها من تصريحات، أو أخبار، تصبح مصدر اهتمام ومتابعة شديدين، ليس على مستوى العالم العربي فحسب، وإنما على مستوى العالم ككل. وإذا كان هذا الأمر مقبولا بسبب مكانة المملكة وأهميتها، عربياً وإسلامياً وعالميا، إلا أن ما يثار من ضجة إعلامية من قِبل قوى إقليمية تحسب على العالم الإسلامي حول أي خبر عن صفقة تعقدها المملكة لتزويد نفسها بالسلاح، حماية لأمنها واستقرارها، وتعزيزاً لأمن دول مجلس التعاون الخليجي، أمرٌ يُثير الاستغراب، ليس بسبب إثارة هذا الموضوع، وإنما بسبب توحد خطابها الإعلامي المعارض لهذه الصفقات، مع الخطاب الإعلامي الإسرائيلي المعارض ومنذ عدة عقود لأية صفقة سلاح تبرمها المملكة.
وإذا كان التوجس من قضية التسلح مبرراً، حين تتسلح دولة يحكمها نظامٌ ثوري مزعزع الأركان، يعاني من ثورة داخلية على وشك الانفجار، ويسعى إلى تصدير مشكلاته إلى الخارج، أو من دولة قامت على الاحتلال والعدوان والتوسع، إلا أن هذا التوجس لا يمكن تبريره تجاه دولة مثل المملكة العربية السعودية، لم يُعهد عنها أنها استخدمت سلاحها في عدوان، أو سعت إلى توسع، بل كان موقفها دائماً يُقدم الحوار، ويسعى إلى تجنب المواجهة العسكرية، مهما كان الثمن، ليس ضعفاً، أو خوفاً من المواجهة، أو عدم ثقة بقواتها المسلحة، وإنما إدراكاً منها أن المواجهة العسكرية هي الخيار الأخير، حتى وإن توافرت القوة العسكرية القادرة على حسم المعركة، فالمملكة لا تعرف استعراض العضلات، ولا تسعى إلى تخويف الآخرين، عبر تصريحات غير مسؤولة، أو عبر أخبار مبالغ فيها عن سلاح يُنتج، أو يشترى.
إن المملكة العربية السعودية في مساحتها التي تبلغ مليوني كيلومتر مربع، وبما تضمه أراضيها من مقدسات إسلامية، وشعب يستحق الحماية وصيانة مكتسباته، لا يمكن أن ترهن أمنها لدول أخرى، أو لحسن نية بجيرانها، فحسن النية أمرٌ جربته المملكة من قبل، فكانت النتيجة أن من كنا نعتقد أنه الأخ والصديق تحول إلى عدو متوحش وغادر.
وما نسمعه ونقرأه اليوم من تحليلات وتعليقات متضاربة في وسائل الإعلام المختلفة عن صفقات السلاح التي تعقدها المملكة، ما بين متخوف منها ومن تأثيرها في ميزان القوى في المنطقة، وبين مقلل من شأنها، أمرٌ لن يؤثر في توجه المملكة لحماية أمنها واستقرارها، وهو قرار يؤيده كل مواطن عايش الخطر في السابق، ورأى أن حُسن التصرف من قيادته، واتخاذها القرار الحازم في الوقت المناسب، كان الداعم الأول ــ بعد الله سبحانه وتعالى ــ في حماية أمنه واستقراره، كما أن هذا المواطن لا يزال يتذكر بطولات أفراد القوات المسلحة في كل مواجهة عسكرية تسبب فيها عدوان على أرض بلادنا، وآخرها عدوان من ارتهنوا أنفسهم لقوى لا تريد بأمتنا العربية خيرا.
إن ما تعقده المملكة من صفقات سلاح يمثل دعامة لأمن المملكة، وأمن الأمة العربية، ورادعاً لكل من يعتقد أن يده قادرةٌ على زعزعة أمن دول المنطقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي