في الماء وحولك الأمواج

ربما تكون للتعلم إيحاءات غير سارة بالنسبة لك، لكن التعلم لا يعني فقط التلقي السلبي للمعلومات في المدرسة ، فهو أعمق من هذا ونستطيع أن نتعلم من أي شيء نفعله ، فنحن غالبا أفضل معلمين لأنفسنا.
التعلم عبارة عن عملية تغيير ، فكلما كنا على وعي بنتائج أفعالنا، ونشعر بأننا إيجابيون ومسؤولون حيال التغيير زادت نتائجنا في الحياة ، وهذا هو التعلم ، تغيير أنفسنا باستخدام التغذية الراجعة التي تعود إلينا من جراء أفعالنا.
التعلم يصنع النتائج ، وهو الطريقة الوحيدة لتغيير أنفسنا والاقتراب مما نريد أن نكون عليه ، فهو يعيد تشكيل نماذجنا العقلية ، فنحن نستطيع أن نتعلم أشياء عن الحياة أو نتعلم بواسطة الحياة ، وبينما يكون النوع الأول مفيدا ويساعدك في النوع الثاني لكن النوع الثاني يظل الأقوى في صنع الاختلاف .
حين تعرف المزيد عن العالم والناس من حولك يصبح بإمكانك القيام بشيء لم تكن تستطيع القيام به من قبل ، ربما تمتلك مهارة جديدة أو قد تعيد التفكير في قناعاتك وقيمك . إنه يعني التغيير في تجاربك وخبراتك وفي النهاية تغير الشخص الذي هو أنت ، ورغم أن التعلم يبدو أحيانا كنشاط متخصص يجب الإشراف عليه من قبل خبراء ومختصين ويتم في أماكن معينة ، إلا أنه بالفعل يحدث طوال الوقت ، حيث يمكنك أن تتعلم من أي شيء تفعله ، وأفضل تعلم هو الذي تتعلمه على طريقتك ، بالقراءة أو الاستماع أو بالتحدث والممارسة.
يبدو التعلم كحلقة متواصلة من التغذية الراجعة ، لأنك تقوم بتصرف ثم تشعر بنتائجه وتتخذ قرارات بناء على هذه النتائج ، والتي تؤدي بدورها للمزيد من التصرفات ، أي أن المزيد من الأفعال سيؤدي للمزيد من التغذية الراجعة مما يؤدي للمزيد من القرارات التي نبنيها بناء على ما نريد أن نحققه.
نحن نتعلم من أجل غرض ، فهناك فجوة بين موقعنا الحالي وذلك الذي نود أن نكون فيه ، وكل ما نقوم به من أفعال لسد هذه الفجوة ، وقد يكون الهدف تحقيق منصب في العمل أو كسب علاقة ما أو الحصول على شهادة علمية كمعبر لوظيفة ما أو تطوير الدخل المادي أو لمجرد التسلية لأن الاستمتاع لدى الكثير هدف في حد ذاته ، وستؤدي أفعالك لنتائج قريبة أو غير قريبة من هدفك وهذه النتائج هي التغذية الراجعة ، وإن تجاهل تلك التغذية الراجعة سيوقعك في مصيدة العادات المتكررة السلبية ، لكن المبادرة بتغيير ما تقوم به كرد فعل للتغذية الراجعة التي وصلتك يجعلك تقترب أكثر من هدفك وتصغر مسافة الفجوة ، وإذا أردت البقاء واقفا في الحياة فعليك أن تستمر في التغيير ، فالعالم يتحرك باستمرار ، ولنحافظ على توازننا علينا تحريك أنفسنا طوال الوقت ، لأن الوقوف في الماء وحولك الأمواج يفقدك توازنك ولا بد من التحرك للحفاظ على توازنك ، ولا نستطيع البقاء ساكنين ولو أردنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي