الإسكان في خطة التنمية التاسعة

أطلعتنا الصحف على بعض ملامح خطة التنمية التاسعة بعد المصادقة على وثيقتها من قبل مجلس الشورى، التي يتوقع أن يقرَّها مجلس الوزراء في الأيام المقبلة القريبة. وجاءت هذه الخطة - كغيرها من الخطط - متضمنة الأهداف العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأولويات التنمية ومحاورها الرئيسة، والسياسات التنفيذية الرئيسة للقطاعات التنموية، وحجم الاستثمارات اللازمة لبرامج الخطة ودور القطاعين الحكومي والخاص، إلا أنها أتت لتتفاعل - بشكل خاص - مع الظروف والمتغيرات المستجدة التي يمر بها المجتمع، ولعل من أبرز القضايا المضمَّنة في الخطة وأهمها موضوع معالجة البطالة وتوفير فرص العمل من خلال استهداف توظيف (292 ألف مواطن) في القطاعات الحكومية.
ولكن موضوع الإسكان في خطة التنمية التاسعة هو أكثر ما يعنيني فيها، وهو ما أودُّ أن أناقشه في هذه المقالة، حيث تستهدف الخطة إنشاء مليون وحدة سكنية لتلبية 80 في المائة من حجم الطلب المتوقع على الإسكان خلال السنوات الخمس القادمة، وإنفاق أكثر من (100 مليار) على هذا القطاع، وتسعى الخطة أيضاً إلى توفير 266 مليون متر مربع من الأراضي لإقامة المشروعات السكنية المتوقع بناؤها من القطاعين العام والخاص.ويظهر لنا من خلال النظر إلى الأرقام السابقة أن حجم الطلب المتوقع على الإسكان سيبلغ قرابة 250 ألف وحدة سكنية سنوياً خلال السنوات الخمس القادمة. وسنلاحظ أن متوسط التكلفة المتوقعة للوحدة السكنية الواحدة - وأكرر (متوسط التكلفة) - قد حدد بمبلغ 100 ألف ريال شاملاً تكلفة التنفيذ وتوفير الخدمات البلدية اللازمة لكل وحدة. كما سنلاحظ أن مساحة الأرض المخصصة لكل وحدة سكنية من إجمالي الأراضي التي ستوفر لإقامة المشروعات السكنية تبلغ قرابة 212 متراً مربعاً، مشتملة على مساحة الأرض المخصصة للمسكن، إضافة إلى جزء من مساحة الطرق والحدائق ومباني الخدمات الخاصة في المنطقة السكنية، وعليه يتوقع أن يكون متوسط مساحة الأرض الصافية المخصصة لكل وحدة سكنية في حدود 120 متراً مربعاً فقط. أعلم أن الأرقام الواردة في الخطة تعد مؤشرات عامة وتقريبية، وأنه لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل في احتساب متوسط التكلفة الحقيقية للوحدة السكنية، أو في تحديد مساحتها، أو مساحة الأرض المخصصة لكل وحدة لأنها تمثل الإنفاق الحكومي فقط على قطاع الإسكان. ولكن هذه الأرقام والبيانات يجب أن تؤخذ بصفتها موجهات لما يجب أن تكون عليه تنمية المساكن خلال السنوات القادمة، فخطة التنمية التاسعة بهذه الأرقام والبيانات تشير إلى التوجه نحو توفير المساكن الصغيرة، التي تيسِّر على الأسر عملية الحصول على المسكن وامتلاكه. ولكن قد يصعب تطبيق توجهات الخطة لتوفير مثل هذه المساكن في ظل تطبيق التنظيمات الراهنة لبناء المساكن وتقسيمات الأراضي السكنية واشتراطاتها، أو مع الاستمرار في منح الأراضي البلدية بمساحة تبلغ 625 متراً مربعاً، أو مع غياب بدائل التمويل والرهن العقاري الميسرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي