حرف الدال .. يعني دلاّل أيضا

في إحدى مناطق المملكة تقدم أحد المواطنين باستدعاء إلى أحد المسؤولين ووضع قبل اسمه حرف الدال، وحينما بدأ المسؤول في مناداة المراجعين بأسمائهم، نادى ذلك المواطن باسمه مسبوقاً بكلمة الدكتور فلم يجبه أحد، فكرر النداء، فتقدم إليه المواطن، وحين رأى المسؤول هيئته سأله: هل أنت دكتور؟ فقال: لا، أنا دلال.
وإذا كان عمل ذلك المواطن (دلال) يعرض البضائع على الراغبين في شرائها، فهو في عمله ليس بعيداً عما يشهده سوق شهادات الماجستير والدكتوراه، الذي أصبحت الشهادة فيه تباع وتشترى، ويحدد لها سعر حسب الجامعة والتخصص، وأصبح هناك سماسرة يعرضونها على الراغبين في الوجاهة، وبعض من يرى أنها مفتاح للمنصب والمال.
ولعل مما شجع الباحثين عن حرف الدال على طرق كل مجال يوفره لهم دون جهد، أن المجتمع لا يفرق بين شهادة دكتوراه في تخصص مهم يمضي فيه صاحبه سنوات طوال من البحث والدراسة، وربما الغربة عن الوطن، وشهادة دكتوراه في تخصص لا يشكل أهمية للمجتمع.
وإذا كانت شهادات الدكتوراه المزورة تشكل ظاهرة وصلت إلى حد تسنم بعض مدعيها مناصب مهمة في بعض القطاعات، كما نُشر في بعض الصحف، فإن الأخطر من ذلك حينما يسبق حرف الدال اسم من يمارس مهنة الطب، فيجني على هذه المهنة، ويتسبب بالإضرار بمن يسوقه حظه العاثر للعلاج عنده.
والغريب أن البعض من الأطباء لا يكتفي بما لديه من شهادة بكالوريوس في مجال الطب، بل يسعى إلى الحصول على شهادة دكتوراه، أو شهادات تخصصية مزورة، وبها يسعى إلى الوصول إلى مناصب علمية رفيعة، ويطرح نفسه عبر الإعلام كخبير في مجال تخصصه، دون خوف من فضيحة، أو خشية عقوبة.
سببُ ذلك أن العقوبات أقل من أن تردع مزوري الشهادات، خاصة من يعملون في مهنة الطب، وهم مع الأسف كثر، ومصائبهم التي تنتهي بإعاقة، أو وفاة تملأ صفحات الجرائد، وتكون النتيجة غرامة تقل عن دخل أحدهم في شهر، مع ترحيله بما جمع من مال وفير إذا كان متعاقدا.
إن خير حلٍ لهذا الوضع هو أن تكون عقوبة من يعمل بشهادة مزورة على مستوى خطورة المهنة التي يمارسها، وأن يدفع المزور غرامة تعادل ما كسبه نتيجة التزوير، إضافة إلى العقوبات الأخرى المنصوص عليها في النظام. كما يجب أن يُشهر بمن يزور شهادة، وأن يُحاسب من يتولى السمسرة في هذا المجال، ودون ذلك ستكون أخبار تزوير الشهادات في صحفنا أمراً غير مستغرب.
***
يوم غد أو بعد غد يطل علينا شهر رمضان المبارك، جعله الله شهر خير وبركة وسلام على الجميع، هذا الشهر الذي هو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار تحول مع الأسف الشديد لدى كثيرين إلى شهر استهلاك في المأكل والمشرب، وتسابق فيما يشغل الوقت من ترفيه، جزء كبير منه بعيد كل البعد عن روحانية هذا الشهر، أسأل المولى القدير أن يديم على بلادنا الأمن والأمان والعز والسؤدد، وييسر للجميع صيام هذا الشهر وقيامه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي