ما هو المرصد الحضري؟ وما أهميته؟

تنبهت إلى أن مصطلح المرصد الحضري من المصطلحات التي درجت كثيرا على ألسنة المتخصصين في التنمية الحضرية، لكنه لا يزال مجهولا أو غامضا عند كثير من غيرهم، فقررت كتابة هذه المقالة للتعريف بماهية المرصد الحضري والمؤشرات الحضرية وأهميتها. لقد بدأت العناية ببرامج المؤشرات الحضرية على مستوى عالمي في 1988 من خلال برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وزادت العناية بها وتطورت على مرِّ السنين إلى أن أصبحت شبكة من المراصد الحضرية، بمستويات متعددة، فهناك مراصد حضرية للمدن، وأخرى على المستوى الوطني أو الإقليمي، وأخيرا هناك المرصد الحضري العالمي في مركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
إن المدن كائنات حضرية ديناميكية ومتغيرة، فهي تتعرض - باستمرار - لعمليات النمو أو التقلص والاضمحلال، والازدهار أو الانحسار الاقتصادي، والرفاه أو التراجع الاجتماعي، وهي تشبُّ أو تشيخ كذلك بحسب أعمار سكانها. ويقاس نجاح المدن من خلال مجموعة من أولويات وقضايا التنمية الحيوية والمهمة للسكان (مثل: توفير الخدمات الصحية والتعليمية والإسكان والمرافق العامة، وانخفاض معدلات الجريمة والفقر والبطالة والتلوث، وغيرها من القضايا التنموية المهمة).
ويعتمد نجاح عمليات التنمية في المدن على صياغة السياسات المؤسسة على معرفة احتياجات السكان التنموية الحالية والمستقبلية، واستباقها بوضع الخطط والبرامج وآليات التطبيق المناسبة لتحقيقها، وتوفيرها في الوقت المحدد لها، ومن ثم متابعة أداء البرامج والخطط ومدى ما حققته من الأهداف الموضوعة لها. ومن هذا المنطلق جاءت فكرة المراصد الحضرية، وظهرت أهميتها في جمع البيانات اللازمة عن نواحي التنمية كلها في المدينة، وإصدار المؤشرات الحضرية بشكل دوري، وتحويلها إلى معرفة توضح حقيقة الوضع للمخططين وصنَّاع القرار، وتمكِّنهم من صياغة السياسات ووضع الخطط التي تقود إلى تنمية حضرية مستدامة ومتوازنة، تُحسن جودة الحياة لسكان المدينة، وترفع مستوى قدراتهم الإنتاجية المادية منها والروحية، وتوفر لهم بيئة عمرانية إيجابية ومريحة.
ومع نموِّ المدن وزيادة التحضر تتعدد القطاعات التي تعمل على إدارة المدينة وتوفير الخدمات والمرافق اللازمة لها فتأتي المراصد الحضرية لإيجاد قاعدة بيانات حضرية واحدة، تنسق بين مختلف القطاعات داخل المدينة، وتوفر نظام مراقبة وتقويما حضريا تفاعليا يربط بين الخطط والسياسات والنتائج المتحققة على أرض الواقع، وتحدد أوجه القصور أو المشاكل التي تواجه القطاعات، وتعرّف بأسبابها، وتمكّن من صياغة الاستراتيجيات ووضع البرامج اللازمة لمعالجتها، مع منح القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني المشاركة في توجيه عملية التنمية عن طريق نشر المعلومات القائمة على المعارف لدعم صناعة القرار والتخطيط.
فالمراصد الحضرية تعدُّ ببساطة مستودعا لتجميع المعلومات، وتحليلها، ومقارنتها بغيرها، والاستفادة منها في صياغة الاستراتيجيات وبناء الخطط ووضع البرامج وتقييمها، ونشرها بهدف تحقيق الوعي العام بالقضايا الحضرية، وتحسين مصداقية صنَّاع القرار، وفتح مجال الحوار للحدِّ من الاتجاهات السلبية وتبنِّي التطبيقات الإيجابية في التنمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي