آثار المملكة وقائمة التراث العالمي

ليس من باب الرفاهية أن تسعى المملكة إلى ضم بعض آثارها إلى قائمة التراث العالمي، وليس من السهولة أن يضم أثرٌ من الآثار إلى هذه القائمة، فهناك اشتراطات كثيرة تحكم هذا الأمر الذي لا مجاملة فيه، فالاشتراطات الصارمة التي وضعت لتسجيل الآثار في قائمة التراث العالمي جعلت مجموع ما سجل على مستوى العالم ككل أقل من 900 موقع.
وقد جاء تسجيل حي الطريف في الدرعية التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي من خلال لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) التي عقدت اجتماعاتها في العاصمة البرازيلية على مدى عشرة أيام للنظر في إدراج مواقع جديدة تتنافس على دخول قائمة التراث العالمي الشهيرة، حيث درست اللجنة إدراج 32 ترشيحا جديدا، بينها ستة مواقع طبيعية، و24 موقعا ثقافيا وموقعان مزدوجان، يجمعان ما بين الطبيعة والثقافة، وكان أن تم اختيار حي الطريف في الدرعية ضمن المواقع التي تم اختيارها، وهو الموقع العربي الوحيد المعروض للتسجيل هذا العام، ومما يؤكد على قوة الاشتراطات للضم إلى القائمة أن اجتماع اللجنة لا يقتصر على إدراج مواقع جديدة وإنما يشمل دراسة خفض وضع بعض المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي.
وحي الطريف في الدرعية هو الأثر السعودي الثاني الذي يُضم إلى قائمة اليونسكو، بعد مدائن صالح التي تم ضمها إلى القائمة عام 2008م، وهذان الموقعان صدرت الموافقة السامية بأن تتولى الهيئة العامة للسياحة والآثار استكمال إجراءات تسجيلها في قائمة التراث العمراني، إضافة إلى جدة التاريخية الذي تم تقديم ملف ترشيحها لليونسكو وفي انتظار النظر فيه في الدورة القادمة للجنة التراث العالمي عام 2011م.
وإدراج مدائن صالح وحي الطريف في الدرعية يمثل اعترافاً عالمياً بالقيمة التاريخية لهذين الأثرين اللذين يعدان أنموذجاً لما تزخر به المملكة من إرث تاريخي متنوع عاش فترة زمنية طويلة في دائرة النسيان.
وجاء ضم حي الطريف إلى قائمة التراث العالمي بعد تهيئة الموقع وتأهيله من قبل اللجنة العليا لتطوير الدرعية التي يرأسها الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض والتي قامت بتنفيذ مشروع متكامل في إطار إحياء الدرعية التاريخية، وبجهد مشترك من الهيئة العامة للسياحة والآثار والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض.
ويتزامن إعلان اختيار حي الطريف مع ما تشهده آثار المملكة المعروضة في متحف اللوفر تحت عنوان ''روائع آثار المملكة العربية السعودية'' من إقبال كبير من زوار المتحف.
إن الاهتمام بالآثار والتعريف بها سواء على المستوى المحلي أو الخارجي يأتي ضمن الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار لترسيخ مفهوم السياحة التاريخية والتعريف بتراث وآثار المملكة، وهو أمر يحتاج إلى توفير خدمات أخرى مصاحبة، تتمثل في تسهيل الوصول إلى هذه الآثار وتوفير الخدمات للزائرين، وقبل ذلك إعداد خرائط تفصيلية بمواقع الآثار وكيفية الوصول إليها، مع تنظيم رحلات جماعية لزيارتها، ودون ذلك ستكون معرفة المواطن ببعض الآثار في الخارج ــ حتى لو لم يزرها ــ أكثر من معرفته بجبل قارة أو الأخدود أو غيرها من المواقع التاريخية في المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي