دور السعودية في صناعة القرار الاقتصادي العالمي
لا ينازع أحد في الوزن الاقتصادي والمالي والسياسي للمملكة على الصعيد الدولي، وهو الذي أهلها لكي تكون عضوا في مجموعة العشرين، كما أهلها لأن تدافع عن الملفات العربية والحديث مع الولايات المتحدة في كل القضايا التي تهم العالمين العربي والإسلامي.
في هذا السياق يجب النظر إلى جولة خادم الحرمين الشريفين التي شملت كندا والولايات المتحدة وفرنسا، لأن هذه الجولة تثرى الأوراق السعودية كما أنها ممارسة واعية لهذه الأوراق. كانت المحطة الأولى من هذه المحطات الثلاث في تورنتو في كندا، حيث مثل خادم الحرمين الشريفين المملكة في قمة العشرين.ومن المفيد أن يعرف القارئ أن مجموعة العشرين هي التي ترسم القرار الدولي في المجالين الاقتصادي والمالي،وأن السعودية هي الدولة العربية الوحيدة في المجموعة، ولكن السعودية لا تختار لكي تمثل المجموعة العربية أو الإسلامية، وإنما تختار بسبب وزنها الاقتصادي والمالي الذي يحسب على أساس عدد من المؤشرات الدقيقة،ولكن المملكة مع عدد قليل من الدول تمثل مجموعة الاقتصاديات البازغة.
وتضم مجموعة العشرين 19 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي، اللذين يتناوبان على هذا المقعد العشرين. وهذه الدول هي الأرجنتين، كندا، أستراليا، البرازيل، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونسيا، إيطاليا، اليابان، المكسيك، روسيا،جنوب إفريقيا، كوريا الجنوبية، تركيا، بريطانيا، والولايات المتحدة.تمثل هذه الدول 90 في المائة من الناتج القومي الإجمالي العالمي، و80 في المائة من حجم التجارة العالمية، كما يسكنها ثلثا سكان العالم، وتستمد المجموعة شرعيتها من وزنها الاقتصادي واتساع عضويتها وتأثيرها الحاسم في إدارة الاقتصاد العالمي والنظام المالي. نشأت هذه المجموعة عام 1999 وتعقد اجتماعاتها على مستوى القمة، ووزراء المالية، ويشارك في اجتماعاتها كبار المسؤولين في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية. وتضع هذه المجموعة استراتيجيات الإصلاح العالمي في مجالات النمو والأزمة المالية والتعاون الدولي بين الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات البازغة، كما حققت إنجازات كبيرة في مجالات ضبط السياسات المالية والاقتصادية العالمية. صحيح أن المملكة عضو في المجموعة منذ نشأتها عام 1999، إلا أن أهمية اجتماعات هذه المجموعة في القرار المالي والاقتصادي الدولي منذ ظهور المالية العالمية في أواخر عام 2008 لفتت الأنظار إلى هذه المجموعة ودور خادم الحرمين بما يمثله من سياسات ومصداقية في العالمين العربي والإسلامي. وكانت قمة لندن لهذه المجموعة هي التي شهدت اللقاء الشهير بين خادم الحرمين والرئيس أوباما.
أما المحطة الثانية المهمة فهي المباحثات الموسعة التي أجراها خادم الحرمين مع الرئيس أوباما، حيث أتيح لخادم الحرمين أن يحدد موقف المملكة والعالم العربي من كل القضايا المطروحة على الساحة الدولية. وكان اللافت هو الصراحة التي نقلها الإعلام الأمريكي والصدق الذي صاحب مواقف المملكة. ذلك أن العلاقة الوثيقة بين واشنطن والرياض لا تخفي آراء المملكة في ملف الانتشار النووي وملف إيران ومواقف إسرائيل وعملية السلام،والسودان وغيرها من ملفات المنطقة، ولكن الموقف الذي ركزت عليه أجهزة الإعلام موقف ثابت هو تمسك خادم الحرمين بحدود مبادرة السلام العربية في التعامل مع إسرائيل.والمعروف أن المحاولات المستميتة تبذل من أجل دفع المملكة للاعتراف بإسرائيل والضغوط والالتفاف على المبادرة العربية.