«التعريفة المتغيرة» .. الخيار الأمثل لاستمرار تقدم صناعة الكهرباء
مما لا شك فيه أن الكهرباء هي العصب الرئيس الذي تقوم عليه المدن الصناعية في المملكة، فخسارة الكهرباء بانقطاعها أو ضعف تيارها يكبد المصانع ما لا يمكن تصوره من الخسائر، يعود ذلك إلى صعوبة إعادة تشغيل خطوط الإنتاج بعد التوقف المفاجئ, فضلاً عن الخسائر في المنتجات أو الأخطاء التصنيعية التي تنتج عن هذا الانقطاع، لذلك يعد تقديم خدمات كهربائية ذات موثوقية واعتمادية عالية إلى جانب تأسيس إمداداتها القطبين الأهم في صناعة الكهرباء، ولو سأل أي مستثمر عن مدى ما يستعد لتقديمه للحصول على خدمة كهرباء أكثر اعتمادية لبذل كثير من أجل ذلك.
ونتيجة لإدراك حكومة خادم الحرمين الشريفين هذه المعضلة قامت وما زالت تضخ استثمارات ضخمة لصناعة الكهرباء حتى يتمكن الاستثمار الصناعي من تجسيد مفهوم "الخيار الاستراتيجي لتنويع مصادر الدخل" من خلال توفير بيئة جاذبة للصناعة والاستثمار. وبشكل موازٍ لهذا الدعم الحكومي اللا محدود لصناعة الكهرباء، تعمل الحكومة حالياً على إعادة هيكلة تعريفة الكهرباء لتصبح تعريفة متغيرة بحسب أوقات الاستهلاك بدلاً من التعريفة الثابتة، وأوكلت إلى هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج مهمة تخطيط وتنفيذ هذه التعريفة التي تعد ركيزة أساسية لتطوير صناعة الكهرباء من خلال الدخل الإضافي الذي لا يشكل عبئا إضافيا ثقيلا على المستثمر الواحد بينما يعود بمبالغ معقولة لميزانية تطوير صناعة الكهرباء. يعود دعمي المباشر لقرار التعريفة المتغيرة هو انطلاقه من السياسات الحكيمة لقيادات الدولة التي وضعت هذه التعريفة في الوقت الذي دعت إليها الحاجة بفضل النمو المتزايد للاقتصاد بشكل عام الذي يقتضي بطبيعة الحال نمواً موازياً في الطلب على خدمات الكهرباء، فالمستثمرون الصناعيون الذين كانت تعمل مصانعهم معاً في وقت الذروة, ما يشكل ضغوطا كبيرة على مولدات الكهرباء ينتج عنها تقليل كفاءتها، يمكنهم إعادة برمجة مصانعهم لتعمل خلال عدد معين من ساعات اليوم خارج أوقات الذروة, ما يحافظ على أداء مولدات الكهرباء ويعود عليهم بخدمة موثوقة ومعتمدة، أو العمل ضمن أوقات الذروة ودفع تعريفة كهرباء أعلى, لكنها تظل ضمن الأقل مقارنة بالتعريفة المعتمدة في أغلبية دول العالم. لذلك يمكن القول إن التعريفة المتغيرة للكهرباء هي الخيار الأمثل لاستمرار تقدم صناعة الكهرباء الذي يحتاج إليها نمو الاستثمار الصناعي بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام، وأبرز ما يميز المملكة هو تضامن رجاله من مواطنين أو مستثمرين على حد سواء مع السياسات التطويرية التي تخدم التنمية المستدامة, خاصة تلك التي لا تشكل أحمالا إضافية ترهق كواهلهم وتحملهم ما لا يستطيعون.