أطفالنا أكبادنا

الطفل هو النبتة اليانعة التي تنبت في بستان الأسرة البهيج وترتوي بحب وحنان من أبوين عطوفين، أوراقها يانعة ورائحتها ذكية، النظر إليها يمتع النفس ويريح القلب، تكبر يوما بعد يوم أمام ناظري الوالدين اللذين يغدقان عليها من حبهما وعطفهما ما لا يوصف.
والأسرة هي المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الطفل من أبويه ما لا يتعلمه من غيرهما والكلمات الأولى المؤثرة في حياته، فهي التي يبدأ بها سجله الحافل بالمرادفات وهذه الأشياء التي يتعلمها الطفل من أبويه تظل راسخة في ذهنه مع مرور السنين وإن لم يشعر بها ولكنها تؤثر في حياته بعد ذلك.
من أجل ذلك اهتم الإسلام بالطفل قبل أن يخرج للنور؛ فأوجب على الأب أن يختار له أمه وبعد أن يولد يختار له اسما مناسبا وبعد ذلك يعلمه القرآن والصلاة عندما يكون في سن تسمح له بذلك.
وكذلك اهتمت المجتمعات المتقدمة بهذا الطفل – ومن عناية الدول المتقدمة بأطفالها أن في بعض هذه الدول يُدَرِّس الطلاب في المرحلة الابتدائية أساتذة الجامعات، فهم أكثر الناس علما وخبرة.
من هنا وجب علينا أن ننوه بأهمية دور الأسرة في حياة الأبناء، فالأسرة ليست مشروعاً لإنجاب الأطفال أو المباهاة بكثرة النسل، ولكنها دعامة من دعائم المجتمع يحسب لها ألف حساب، ولا بد أن يعرف مَنْ يقدمان على الزواج (الزوجة والزوج) أن بينهما ميثاقا غليظا له قدسيته ومهابته واحترامه، فينبغي أن تبنى حياتهما على المودة والرحمة حتى يبارك الله في ذريتهما وينبتها نباتاً حسناً، قال الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) ''الروم الآية 21''.
والطفل محور حديثنا في هذا المقال لا يرضع من أمه الحليب فقط ولكنه يرضع معه عادات ومؤثرات ومتغيرات وتقاليد وقيما أخرى كثيرة.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ...''، فليحرص كل منا على أن يطبع في صفحات هؤلاء الأطفال ما ينفعهم في الدنيا والآخرة ويكون له أجر ذلك.
وكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – ينتهز أي فرصة ليستثمرها وينفع بها الآخرين حتى لو كانوا صغاراً ومن ذلك معاملته الحسنة لخادمه أنس بن مالك الذي كان صغيراً فقال أنس رضي الله عنه – خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لشيء فعلته لِمَ فعلت ذلك ولشيء لم أفعله لمَ لم تفعله''.
ومن الأمور المهمة في تربية الأبناء:
- أن يحتسب الوالدان النية في إنجاب الأطفال وتربيتهم على التوحيد وأن يكون هدفهما من الإنجاب ابتغاء الأجر من الله .
- حرص الآباء على التنشئة الصالحة لأبنائهم حتى يكونوا أفراداً فاعلين في مجتمعهم مستقبلاً وغرس كل ما يفيدهم في الدنيا والآخرة.
- أن يعرف الآباء أن الأطفال هم الرئة التي يتنفس بها الآباء عبير الحياة ونسيمها.
- تعليم الآباء أطفالهم الأخلاق الفاضلة وسير الصالحين وإبعادهم عن التقليد الأعمى للغرب بعاداته السيئة التي تخالف الدين أحياناً.
- إقناع الأطفال بالصواب وإظهار الخطأ لهم وعدم تجاهل أسئلتهم.
- إجابة الآباء عن أسئلة أطفالهم بطريقة مقنعة وليس ''فض مجالس''.
- إيفاء الوالدين بوعدهما لأطفالهما حتى يثقوا بهما .
- أن يعرف الآباء أن الأبوَّة تكليف وليست تشريفاً.
- أن يكون الوالدان قدوة صالحة لأطفالهما في كل شيء.
- إعطاء الأطفال مساحة من التعبير عن آرائهم مع الحفاظ على الأدب وحسن الخلق وعدم التجاوز.
- ربط الأطفال بالواقع وتعويدهم حل المشكلات والتفكير الأمثل والاعتماد على النفس قدر المستطاع وإشراكهم مع الكبار حتى يقتدوا بهم.
- استخدام الآباء أسلوب الترغيب والترهيب في تربية أطفالهم أسوة بالرسول – صلى الله عليه وسلم .
- استخدام الآباء أسلوب القصص لأنه محبب إلى النفس البشرية ويجذب الصغير والكبير.
وأختم بقول الشاعر:
وإنما أولادنـــــا بيننــــــــــــــــا أكبــادنا تمشي على الأرض
إن هبـــت الريح على بعضهم لم تشــبع العين من الغمض
همسة محب: ''أتمنى من كل مَنْ يقرأ هذا المقال أن يدعو الله - عز وجل - لكل من لم يرزق بأطفال أن يرزقه الله ذرية صالحة من أهل القرآن ، ومن رزق بالذرية أن يبارك الله له فيها '' .

عدد القراءات:1007

* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي