الملك خالد
الملك خالد بن عبد العزيز - رحمه الله - الملك الإنسان الذي مر على حكم المملكة بسبع سنوات سمان عاشت فيها المملكة رحمة العطاء ووفرة الإنجاز, عُرف الملك خالد - رحمه الله - بطيبة النفس وكرم الذات وسموه والقرب من الله ـ سبحانه وتعالى. لقد شدني بعظيم اللمسة الحنونة وهو يزور مصابي تحرير المسجد الحرام لقد كانت دمعته, وهو يقبل الجنود دمعة المؤمن الصادق الحنون على أبنائه والمتألم لما أصاب المسجد الحرام والإسلام من أبنائه من سوء , لقد ذكرتني هذه الحادثة بموقفه - يرحمه الله - في سرعة اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب لتحرير المسجد الحرام ممن دنسه وأساء للإسلام والمسلمين في ذلك الوقت الصعب, خصوصا مع التحرك الإيراني والتغير السياسي في المنطقة وما صاحبه من ضجيج سياسي دولي.
تاريخ الملك خالد التنموي تاريخ حافل بالإنجازات ذات الهدير المنخفض, فإنشاء مثلا مدينتي الجبيل وينبع من خلال الهيئة الملكية للجبيل وينبع يعد في مقاييس التنمية في أعلى مراتبها وفي مقاييس التوازن التنموي نموذجا يدرس في الجامعات ومن المنظور السياسي خطوة غير مسبوقة في جميع دول العالم ومجرد التفكير فيها في ذلك الوقت مع ما صاحبها من صعوبات إلا أنها تمت بصوت هادئ رزين وحققت للمملكة خلال السنوات اللاحقة كثيرا من الإنجازات الاقتصادية ولعل من أهمها إنشاء شركة سابك وما يرتبط بها من شركات, إضافة إلى استقطاب عديد من الشركات الأجنبية التي يمثل استثمارها في المملكة دعم اقتصادي وسياسي مهم.
الملك خالد - رحمه الله - شخصية هادئة محببة إلى القلب, يشعرك وأنت حوله بأنك من أهم الناس لديه, يحسن الاستماع والنقاش ويعطي المساحة الواسعة والكافية لمحدثه لإبداء رأيه ثم لا يراوغ مع محدثه وإنما يرد عليه بالإجابة الشافية حتى ولو كانت غير مُرضية لكنها تجعل صاحب الحاجة أو الطلب يخرج وهو يدعو له .
الملك خالد - رحمه الله - يعد كتابا مفتوحا لمن أمامه وما يروى من مواقف سياسية واجتماعية وعملية له - رحمه الله - تجعل المستمع لها لا يكاد يصدق ما يروى, لأن الصورة التي رسمت في أذهان بعض الأجيال أن الملك خالد - يرحمه الله - إنسان لا يذهب بعيدا في الفكر والرأي، ولهذا فإن إبراز مثل تلك المواقف السياسية والاجتماعية تعطي الصورة الحقيقية لهذا الملك الخالد ولهذا أحسن القائمون على تاريخ الملك خالد في إبراز بعض من تلك المواقف أو ربما الومضات التي أرى أنها لا تفي هذا الملك العظيم حقه, خصوصا أن ما كنا نسمعه ممن حصل له شرف العمل بالقرب منه أو تعامل معه أو عاش قريبا منه كيف كانت ردوده قاصفة واصفة مباشرة بحيث تربك في بعض الأحيان أصحاب القوة والنفوذ ولعل بعض مواقفه السياسية الحازمة والمباشرة في لقاءاته مع قادة العالم ما يؤكد ذلك.
إن تجربة إبراز تاريخ الملك خالد تعد التجربة المناسبة للاستفادة منها في إبراز جهود قيادات هذا الوطن الغالي وتعزز مفهوم المواطنة الصالحة وتغرس في النفس حب الوطن وقيادته, ولعل الإخوة القائمين على مناهج التعليم, خصوصاً مادة التربية الوطنية, يستفيدون من الأثر العظيم الذي أبرزته تجربتا تاريخ الملك فيصل والملك خالد في نفوس أبناء المجتمع والمقيمين من أثر عظيم, وكيف أن مثل هذه المؤتمرات والمعارض ذات تأثير مباشر وصادق بدلاً من محاولة تسطيح الانتماء الوطني من خلال مادة تُدرس ولا تعطي الأثر الحقيقي المطلوب منها.
المملكة العربية السعودية -ـ ولله الحمد - تنعم بقيادات ومسؤولين سعوديين قدموا الغالي والنفيس من أجل وضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة, إبرازهم وإبراز جهودهم هو الطريق الصحيح والسليم لزرع روح العطاء والمنافسة الشريفة بين أبناء المملكة من الجنسين للتنافس في خدمة هذا الكيان العظيم، فكل إنسان يبحث عن القدوة والنموذج الذي يمكنه أن يحتذي ويتعلم منه، فدعونا نقدم نماذجنا الوطنية القيادية الصالحة ذات الأثر العظيم في نفوس أبنائنا بدلاً من جعلهم يبحثون عنها في خارج إطارنا أو حتى إطارنا السلبي أو الفاسد، بارك الله في الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد وعالمي الطموح.