وزارة الشؤون الاجتماعية .. أدرك كرة الثلج!
معضلة البطالة، معضلة شائكة ولا تنحصر عواقبها على المدى القريب المباشر بل هي كرة ثلج تزداد آثارها السلبية مع مرور الوقت منتجة بذلك مشكلات أخرى تتعدى آثارها الاقتصادية لتصل إلى مجالات أخرى أشد خطورة كالجانب الأمني والاجتماعي. ولذا فإن خطوات استراتيجية جذرية لا بد أن يتبناها أصحاب القرار للحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
واقعيا لا يمكن إلقاء اللوم على جهة واحدة دون غيرها إلا أن أكثر الوزارات الحكومية بيدها خيط تستطيع أن تشارك به لنسج حل للقضاء أو التخفيف من هذه الظاهرة. إحدى هذه الوزارات هي وزارة الشؤون الاجتماعية التي تمتلك وسيلة جوهرية يمكن من خلالها أن تستوعب جزءا كبيرا من الباحثين عن العمل فالمنظمات الخيرية التي يتبع أغلبها لهذه الوزارة يمكن أن تسهم بكل فاعلية في استيعاب أعداد كبيرة من الباحثين عن العمل باختلاف مؤهلاتهم، إلا أن المشكلة أن حجم القطاع الخيري السعودي في الوقت الحالي محدود للغاية ولا يمثل في صورته الحالية أداءه للمساهمة في حل المشكلة أو التخفيف منها.
في كثير من دول العالم يعتبر القطاع الخيري مصدراً لتوفير الوظائف لأفراد المجتمع، منافساً في ذلك القطاعين الحكومي والربحي. ففي الولايات المتحدة الأمريكية يعمل في القطاع الخيري (الذي هو جزء من القطاع غير الربحي) ما لا يقل عن تسعة ملايين موظف، وهو ما يمثل 7 في المائة من حجم القوى العاملة الدولة لعام 2004. وفي بريطانيا فقد أوضحت الإحصاءات في عام 2008 أن القطاع الخيري يوظف ما لا يقل عن 660 ألف موظف. وفي الكيان الإسرائيلي يعمل في القطاع غير الربحي موظفون لا تقل أعدادهم عن عدد العاملين في القطاع التعليمي في السعودية!!
إن فسح المجال للقطاع الخيري ليكون موظفاً أفراد المجتمع من أرخص وأنفع الوسائل للتخفيف من البطالة وتحقيق مكاسب أخرى. فرواتب العاملين في القطاع الخيري لن تكون عبئا على الحكومة لأن أغلب مصادر تمويل المنظمات الخيرية يأتي من المجتمع أفراداً وشركات في صورة تبرعات وصدقات وهي بذلك إعادة تدوير لثروات المجتمع تنبع منه وتصب فيه، وفي تنمية للقطاع الخيري تعظيماً لقيم مبادئ رائعة كالتكاتف والترابط بين أفراد المجتمع التي تهددها المدنية بقيمها الجافة.
القطاع الخيري السعودي صغير لدرجة أنه عاجز عن أن يبرهن للمجتمع قدرته على المساهمة في حل معضلة البطالة فعدد منظماته لا تتجاوز 800 منظمة والعاملون فيه لا يتجاوزون خمسة آلاف موظف كأعلى تقدير، ومالم تتب الدولة ممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية توسيع القطاع الخيري وزيادة منظماته فإننا نفوت بذلك فرصة ثمينة.
هل يتطلب هذا أن تصمم وتنفذ وزارة الشؤون الاجتماعية برامج تسويقية لحث وتشجيع أفراد المجتمع وشركاته على إنشاء منظمات خيرية جديدة؟ نعم هذا من جوهر الحل!!