البنوك السعودية وخدمة التنمية الاجتماعية المستدامة

الندوة الصحافية التي نظمها نادي «الاقتصادية» الصحفي بعنوان: «البنوك السعودية وخدمة المجتمع»، ونشرت في عدد «الاقتصادية» الصادر يوم الإثنين الموافق الأول من آذار (مارس) 2010، واستضافت كلاً من: عبد الرحمن أمين جاوه نائب العضو المنتدب في البنك السعودي الفرنسي، ومساعد محمد المنيفي مدير عام البنك السعودي للاستثمار، جسدت بواقعية ووضوح تام لا يقبل الشك أو التأويل الدور الرائد، الذي تقوم به البنوك السعودية في مجالات خدمة المجتمع.
من بين الأسباب الرئيسية، التي حققت للبنوك السعودية الريادة في مجالات العمل الاجتماعي، كونها استندت في تنفيذ أعمالها وبرامجها الاجتماعية المختلفة، إلى استراتيجية وأسس علمية وعملية مدروسة، إضافة إلى تنفيذها برامجها وفق منهجية عمل مؤسسي محترف، يسعى باستمرار إلى تحقيق متطلبات التنمية المستدامة، واحتياجات التنمية الوطنية، فعلى سبيل المثال، لو نظرنا إلى برامج البنوك المتخصصة في تهيئة الشباب والشابات لسوق العمل، نجدها تستهدف في المقام الأول، المساهمة الفاعلة في تقليص نسب البطالة بين الشباب والشابات من خلال مساعدتهم على الحصول على فرص عمل مناسبة، والذي يسبقه إعادة تدريب وتأهيل للشباب وللشابات، بما يتلاءم مع احتياجات ومتطلبات ومستجدات سوق العمل المعاصرة، ولو نظرنا أيضاً إلى الفلسفة التي بنيت عليها برامج دعم المشاريع الصغيرة، نجدها تستند إلى تزويد المنتجين وأصحاب المشاريع بالأسس الصحيحة لتأسيس الأعمال الإنتاجية، وإدارتها بالأسلوب الذي يكفل لها الاستمرارية، وتحقيقها قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وهذه العوامل من بين متطلبات التنمية المستدامة.
برامج الأسر المنتجة التي تقوم البنوك السعودية بتنفيذها، من خلال توفير الدعم المالي اللوجستي والفني للمرأة في المقام الأول، تستند إلى فلسفة تطوير القدرات الحرفية والمهنية للأسر المنتجة والسيدات المعيلات، بما يسهم في نجاح مشاريعهن، ولا سيما أن برامج الأسر المنتجة، وكما أسلفت تستهدف المرأة في المقام الأول، التي تعد المعيل الوحيد في معظم الحالات بعد وفاة زوجها أو عائلها الوحيد، وبالتالي فإن تطوير مهارات هذا النوع من السيدات وتمكينهن من اكتساب الرزق المشروع، من خلال ممارستهن مهنة أو حرفة شريفة، سيعينهن على مواجهة متطلبات الحياة، من خلال تحقيق دخل مناسب، يكفيهن شر العوز أو اللجوء إلى أساليب أخرى قد تكون غير مقبولة اجتماعيا لتأمين احتياجاتهن المعيشية، مثال التسول وخلافه.
البرامج الصحية التي تقوم البنوك السعودية بتنفيذها، بنيت أيضاً في الأساس، فلسفتها على معايير التنمية المستدامة، من خلال المساهمة الفاعلة في تطوير قدرات القطاع الصحي في السعودية، فعلى سبيل المثال تقديم الدعم اللازم للجهات الصحية غير الربحية، سواء المتمثل في توفير الأجهزة الطبية، أو في تطوير القدرات الإسعافية، أو في نشر الوعي الصحي بين أفراد المجتمع، جميعها تسهم بفاعلية في المحافظة على صحة أفراد المجتمع، حيث إن الحفاظ على صحة أفراد المجتمع، هو أحد المطالب الرئيسة للتنمية المستدامة، التي طالبت بها كل من قمة الأرض، التي عقدت في مدينة ريو دي جانيرو في عام 1992، أو تلك التي عقدت في مدينة جوهانسبرج في عام 2002.
دعم كراسي البحث العلمي من قبل عدد من البنوك السعودية، بهدف إثراء المعرفة وتطوير الفكر، وخدمة أغراض التنمية الاقتصادية في المملكة، يعد نموذجا واضحا لاهتمام البنوك السعودية بقضايا التنمية المستدامة في المملكة، والمحاولة الجادة لإيجاد الحلول المناسبة لها، من خلال ـ كما أسلفت ـ دعم الكراسي البحثية والعلمية في الجامعات السعودية.
إن صمود البنوك السعودية أمام تبعات وتداعيات الأزمة المالية العالمية، بجدارة واقتدار، وعدم تعرض أي منها ولله الحمد، للانهيار أو للإفلاس، كما حدث في عديد من دول العالم، يعد نموذجاً آخر للتنمية المستدامة، الذي تنتهجه البنوك السعودية في تعاملاتها مع العملاء، الذي يشترط استمرارية النشاط وديمومته، ومن هذا المنطلق شهدت جهات عالمية، للبنوك السعودية بتمتعها بأوضاع مالية قوية، مقارنة بنظيراتها في العالمين العربي والدولي، ورفعت تبعاً لذلك وكالة موديز لخدمات المستثمرين في تقريرها الأخير تصنيفات الودائع بالعملات الأجنبية لعدد من البنوك السعودية، من بينها مجموعة سامبا المالية، والبنك السعودي الفرنسي، والبنك السعودي البريطاني من الفئة A1 إلى الفئة Aa3.
برامج الخدمة الاجتماعية التي تنفذها البنوك السعودية أكسبتها احترام وتقدير جهات محلية وعالمية، ونالت تبعاً لذلك عديداً من الجوائز التقديرية، وأصبحت مثلا يحتذى به في تصميم وتنفيذ البرامج الاجتماعية، فعلى سبيل المثال من بين الجوائز التي حصلت عليها البنوك السعودية، جائزة قمة دبي الخامسة للمسؤولية الاجتماعية عام 2008، التي حصل عليها البنك الأهلي التجاري.
خلاصة القول، أن البنوك السعودية - وفقما أشار ضيفا ندوة نادي «الاقتصادية» الصحفي بعنوان «البنوك السعودية وخدمة المجتمع» - تعد من أكبر القطاعات التي تقدم الدعم للخدمات الاجتماعية، وذلك لعدد من الاعتبارات، من بينها تنوع برامجها واستنادها في تنفيذها إلى خطط واستراتيجيات مدروسة، منطلقها مراعاة متطلبات التنمية المستدامة واحتياجات التنمية الاقتصادية في السعودية، ومن هذا المنطلق حظيت برامج الخدمة الاجتماعية، التي تقوم البنوك السعودية بتنفيذها باحترام وتقدير عديد من المؤسسات المحلية والدولية التي تختص بتقييم الخدمات الاجتماعية، التي تقدمها القطاعات العامة والخاصة، وبالذات أن البنوك السعودية من خلال تنفيذها برامجها الاجتماعية، استطاعت أن تحدث تغييرات جوهرية ونوعية، في عديد من مناحي وأنشطة الحياة، بما في ذلك الاقتصاد المحلي، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، تأهيل الشباب السعوديين والشابات السعوديات لسوق العمل، وخلق عدد كبير من الوظائف، والمساهمة الفاعلة في الارتقاء بالمستوى المعيشي والمادي لعدد كبير من الأسر السعودية، بما في ذلك الاجتماعي والصحي، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي