لماذا نخاف من أسمائنا الحقيقية؟
اسم الإنسان جزء لا يتجزأ من هويته النفسية والاجتماعية وعندما يتعود الإنسان على نسيان اسمه والبحث عن أسماء مستعارة أو إلصاقه بأحد أسماء أبنائه كأبو فلان، فهذه عملية إيحائية تحدث مع الوقت مشكلة في الهوية الشخصية للفرد.
اليوم الكثير من الناس يحاولون بشكل غير واع الهروب من أسمائهم في المداخلات والأسئلة الإذاعية والتلفزيونية وحتى في العلاقات الاجتماعية وحتى عند قطاع أوسع من الشباب يتم استخدام الأسماء المستعارة في الشات والعلاقات الغرامية لدرجة أن الواحد منهم لديه قائمة بالأسماء المستعارة التي يستخدمها في أكثر من غرض مشبوه، وتجده يستخدم تلك الأسماء للتعبير عن غضبه وعدوانه فيسب من يشاء من الناس وينال من خصوصياتهم ويفعل ما يشاء باسم مستعار أو بأبو فلان أو بكنية لأحد المشاهير، وهنا تجد التناقض بين ما يفعلونه من سلوكيات بأسمائهم الحقيقية على أرض الواقع وبين ما يفعلونه من سلوكيات منافية للأخلاق تحت مظلة تلك الأسماء المستعارة.
إن ذلك السلوك حول إنكار الاسم كان ولا يزال يمارس مع أعظم إنسانة في حياة كل إنسان.. فلا يزال كثيرون يستحون من ذكر أسماء أمهاتهم.
إذاً لماذا نخاف من إعلان أسمائنا التي هي هويتنا الشخصية ونرتبك عندما تطلب منا أو لإحدى قريباتنا؟
ولماذا لا نعترف ونؤمن بأسمائنا ونعلنها للجميع عندما نريد أن نعبر عن رأينا؟ ولماذا نفضل دائما التستر خلف أسماء ليست أسماءنا ونعيش معها لعبات تنكريه طوال حياتنا؟ وما هي علاقة ثقة الإنسان بنفسه وبشخصيته وتقديره لها وبين اعترافه باسمه؟ وهل تسمية الإنسان باسم في الأصل من أجل الاستخدام الرسمي فقط أم لأهداف أكثر سموا وإنسانية؟
ما أخشاه مع مرور الوقت أن ينسى أحدنا اسمه واسم أمه ويصبح ما يخزن في ذاكرتنا مجموعة من الأسماء المستعارة التي قد توحي بأشياء لا تمثل شخصياتنا بل تمثل شخصيات أخرى ومع الوقت نبدأ في نكران ذاتنا ونعترف بذات الآخرين وهذه مشكلة قد تؤدي بنا إلى تفكك وازدواجية الذات والهوية، وعندما يبدأ الشخص في فقدان هويته مع الوقت سيصبح مضطرباً ولا يثق بنفسه وقدراته.
أعتقد أنه من الأفضل ألا نخلط مابين أسمائنا الحقيقية وبين الأسماء الرمزية ذات الدلالات الروائية أو القصصية ونسعى طول حياتنا وراء رموز خيالية لا تمثل واقعنا وتركيبتنا النفسية.
لقد استعمل كثير من منظري وقياديي العنف الأسماء الرمزية كأداة إيحائية لتغيير سلوك الناشئة من الخير إلى الشر بعد أن عملوا لهم نوعا من غسيل الدماغ الإيحائي بتغيير أسمائهم الحقيقية بأسماء رمزية من أجل فصلهم عن أصلهم ومجتمعهم وأسرهم وأخلاقياتهم.
إن تأكيد الاسم هو تأكيد للذات وعكس ذلك خوف وخضوع وسلبية وتردد ثم عدوان وعدوان مبطن.