ملك .. ينتصر لثوابت الدولة
بعد انتهاء قضية طلاق النسب والرضوخ لحكم الشرع .. ما هو المهم لنا جميعاً، المهم لنا كوطن، والمهم للدولة، والمهم للأسرتين اللتين نرجو أن تنظرا للمستقبل، وتدعا الماضي للتاريخ، بعد لم الشمل من مصلحتنا أن تبتعد وسائل الإعلام عن القضية تماماً، حتى (تهدأ النفوس) وحتى لا يظهر أن هناك منتصراً على الآخر، المنتصر الأول هو عدالة السماء والمنتصر الآخر هو ثوابت الدولة والمجتمع.
الإعلام قام بدور إيجابي في إبراز الجوانب الإنسانية والسياسية والحضارية لهذه القضية، وحتى يستمر هذا الدور الإيجابي لعلنا نبتعد عن القضية حتى تأخذ مسارها الطبيعي لتعود الأوضاع إلى السابق، ولعل جميع الأطراف تتذكر أن الحلم عند الغضب والعفو عند المقدرة هما من أخلاق الرجال الكبار، الفائزين دائماً.
وعموما هذه القضية، رغم جوانبها المأساوية التي أساءت لصورة مجتمعنا، إلا أنها كشفت أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله مستمر في منهجه القيادي حيث يستثمر الأزمات ليحولها إلى مكاسب وطنية، ويحقق ذلك لأنه فتح قلبه لكل الوطن، لكل همومه ومشاكله وتطلعاته وأحلامه، وعندما تدخل لتصحيح الأوضاع مستخدما آليات الدولة وسلطتها القانونية والأخلاقية، فإنه جعل الناس كلها تلتف مؤيدة وداعمة وفرحة بخطوته التي صححت مساراً خاطئاً في إحقاق الحق بين الناس ليجعل كلمة الله هي العليا .. وليجعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار حتى يجنبنا العبر.
الملك عبد الله يريد أن يأخذ المجتمع السعودي إلى حقبة جديدة، حيث الناس ينظرون للمستقبل إلى ما يجمعهم ويوحدهم، لا إلى الخلف حيث هناك كل ما يفرقهم ويدمرهم، وهي خطوة تعيدنا إلى موروث الملك عبد العزيز رحمه الله، فالمؤسس الكبير وحد هذه البلاد لأنه أخذ أعناق الناس لكي يستشرفوا المستقبل، ليروا أن ما يجمعهم ويوحدهم أكثر مما يفرقهم، لم يدفع الناس للماضي، كان يأخذ الناس معه من مدينة إلى أخرى، ويجمع الناس في الصحاري ليكونوا موحدين جامعين نابذين لمخلفات الجاهلية، هكذا أوجد لنا هذا الكيان وتركه أمانة في أعناقنا، ومن حقه علينا رحمه الله ومن حق كل الذين صنعوا معجزة التوحيد معه أن تحفظ هذه الأمانة.