السيدة الأولى القادمة في الفلبين.. سعودية؟

''شالاني'' اسمٌ غريب في تركيبة الأسماء في جزر الفلبين، فهو ليس اسما كاثوليكيا إسبانيا كما جرت الأسماءُ هناك إرثا من الاستعمار الإسباني الذي استمر ثلاثة قرون، بل إن اللغة الفلبينية ''التغالو'' هي هجينة من اللغة الإسبانية القديمة وبعض اللغات المحلية الدارسة المالاوية. وفي أقاليم بالجزر الغربية من الأرخبيل الفلبيني مثل أنحاء بجزيرتي ''نيجروس'' و''إيلو إيلو''، يتكلم بعض الأهالي لغة إسبانية صافية قديمة، وإن كانت بعيدة عن النحو والتقييد اللغوي.. سألتُ عن معنى اسم ''شالاني''، بين الفلبينيين ولم يعرف أحدٌ المعنى مما يدل أن الاسمَ دخيلٌ على ما اعتاده القومُ هناك من أسماء.
ولأن هناك اتصالات حثيثة مع ''شالاني''، فسأترك كثيرا من المعلومات حتى تتأكد لي، ومنها معنى الاسم، ولكني سأروي لكم نظريتي فيما بعد، وتبقى بحدود النظرية، ولا تتعدى إلى منطقة الحقيقة الدامغة.
في الفلبين الآن تضطرم الحملات الانتخابية لمن سيملأ الكرسي الذي سيفرغ قريبا في قصر ''مالاكانيان''، قصرُ الحكم في مانيلا، عندما تنتهي ولاية السيدة الرئيسة ''جلوريا أرويو''، ويتقدم المرشحين للرئاسة في وسائل الرصد العام ابن أشهر عائلة سياسية محبوبة في الأرخبيل، عائلة ''أكينو'' رمز الديموقراطية الفلبينية، وهو السناتور ''بينيجنو أكينو''، ويعرف بين العامة بلقبه المختصر الذائع ''نوي نوي''، وهي طريقة متبعة في تصغير الأسماء عند اللاتين. السناتور ''نوي نوي'' يبلغ الخامسة والأربعين من عمره، ويقال إنه سيفوز بالرئاسة، وإن قساوسة من الكنيسة رأوا نجمه في السماء.. والوقائعَ حتى الآن تقول إنه جواد الكسب في المضمار الرئاسي..
على أننا أوردنا ''شالاني''.. ما العلاقة بين كل هذا عن ''نوي نوي'' و''شالاني''؟
''شالاني'' امرأة عصامية في التاسعة والعشرين بملامح تجمع بين المعالم الفلبينية، ولكن مع اعتدال واضح بالأنف، ورهوة في الشفاه وارتفاع في الجبهة، وهذا ما يصنفه علماءُ الإنسان بأنه من صفات القوقازيين، مما يدل بسطوع على دم من نوع آخر يدور في عروقها. يقال إن شالاني لم تكمل دراستها العليا، ولكنها بعصاميتها وجرأتها المشهودة لها (وهذا ما أوقعها في خلاف بادئ الأمر مع شقيقة ''نوي نوي'' السيدة ''كريس أكينو''.. ثم تصالحت) وصلت إلى أن تكون الآن المستشار الأول في مجلس منطقة ''فالنزويلا'' من أعمال مانيلا. ما زالت في التاسعة والعشرين، هادئة الجمال، عالية الرقة في التعامل مع الإعلام، ولكن رقة تغطي قلبا جريئا من حديد.. و''شالاني'' أم لطفلة خارج مؤسسة الزواج، وهي ظاهرة كاسحة في الفلبين، حيث تكثر الأمهات العزبات وخصوصا بين المراهقات، وتعوّدها المجتمعُ الفلبيني، ويأخذ المواليد في هذه الحالة تلقائيا اسم عائلة الأم.. وهذا ما حصل مع ابنة ''شالاني''، وما حصل مع ''شالاني'' نفسها، التي أعجب بها ''نوي نوي أكينو''، وصارت الآن خليلته (قيرل فريند) وهو أيضا أمر شائع جدا، وتعامل من قبل المجتمع وكأنها مرتبطة رسميا مع خليلها.. وعلى أي حال أعلنت ''كريس أكينو'' الأخت، أنه قريبا ستكون ''شالاني سوليداد'' رسميا زوجة ''نوي نوي''. يعني، حينما يفوز بسدة الرئاسة الفلبينية فهي ستكون السيدة الأولى للأمة.
من هو أب ''شالاني'' يا ترى؟
من مصادرنا القريبة، ومما أثارته وسائل الإعلام، نعرف أن أب سيدة الفلبين الأولى القادمة هو مواطن سعودي، ولم تنف شالاني ذلك.. ولم أجد لها أيضا تأكيدا صريحا. أما نظريتي عن الاسم ''شالاني''، وهي محض نظرية لا تستند إلى دليل واقعي، هو من واقع أن سعوديين كثيرين يرتادون مانيلا، وبعضهم يبقى هناك، ونعرف من قضى حتى الآن أكثر من ثلاثين عاما متواصلة، والبضاعة الرائجة بينهم، وأكثر ما يربطهم بعادات وطنهم هناك هو الطعام، وبالذات التمر والرز، وأهلُ الشرقية تشتهر بينهم طريقة طبخ الرز الأبيض باسم ''شيلاني''، وما لاحظته أيضا بأن طريقة نطق اسم ''شالاني'' وأنا أنقله من الإملاء اللاتيني ينطق كما ننطق ''رز شيلاني، أو عيش شيلاني، كما هي اللهجة المحكية بالمنطقة الشرقية والخليج''. وربما كان هذا الأبُ السعودي وراء الاسم للطبق المفضل مع السمك المقلي. وهناك بنتٌ فلبينية من أبٍ سعودي اسمها ''كليجا''، وواضح طبعا أنه ليس من المنطقة الشرقية هذه المرّة!
على أي حال، الرائجُ بين الناس بالفلبين مما يعرفونه في الإعلام بأن أباها سعودي، ولأن الأبَ ترك البنت راجت تقاريرٌ تسيء لنا كلنا كسعوديين، وساهمت في إشعالها عن غير قصد ''شالاني'' من قصة أبيها، وهذا ما كنت أحلم أن أتجنب حدوثه من ضمن أسباب تكوين ''جمعية العودة للجذور''، حتى لا يتخاطف الأبناءَ المتروكين إعلامٌ مغرض، وأعرف أمورا لن أقولها لأني لا أملك إثباتات أكيدة، وقد تسيء لعلاقاتنا بدولٍ أخرى، تساهم في إذكاء حملةٍ كبيرة في الشرق الأقصى موجهة ضدنا، ويكون هؤلاء الأبناءُ لقيم هذه النيران..
يبقى الآن، أن ''ش الاني'' ستكون صاحبة أقوى قرارٍ في الفلبين، وبإمكاننا نحن بديبلوماسية تنهيض الفرصة، واغتنام ظرفٍ قد لا يتكرر، بأن نضرب ضربة كبرى إيجابية لتوضيع صورتنا في إطار ما نريد أن يراه الآخرون عنا حقا.. وتفعيل هذه الفرصة بشكل هائل (وأعني هذه الصفة) لما يخدم برفع العلاقات بين البلدين، وتعميق المنافع التي تعود علينا من واقع ما سيحدث بعد وقتٍ قريبٍ عندما تكون فتاة نصفها سعودي السيدة الأولى في الفلبين..
والفرصة لا تدق البابَ مرتين!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي