للصحة النفسية.. نظام وتسهيلات إضافية

يدرس مجلس الشورى مشروع نظام الصحة النفسية المقدم من لجنة الشؤون الصحية في المجلس ليفتح بذلك نقاشا اجتماعيا للحالة الصحية النفسية، فمن المعروف أن التركيز في الصحة العامة للأفراد وخدماتها يدور حول الصحة الجسمية، وهي سلامة الأعضاء وقيامها بوظائفها الحيوية والخلو من الألم.
أما الصحة النفسية فإنها لم تلق الاهتمام الكافي حتى من الأفراد الذين يعانون متاعب نفسية أو معرضين لها، حيث يتم تفادي أي حرج قد يجده الفرد نتيجة تعرض صحته النفسية لأي عارض دائم أو مؤقت وهذا يسهم في تعقد صحته النفسية وظهور الأعراض عليه بشكل واضح قد يفقده بعض اعتباره لدى الآخرين، ولذا يكثر الخلط بين التعريف الصحيح للمرض النفسي والمرض العقلي مما يؤدي إلى مزيد من الحالات المرضية وحرمان بعضها من فرصة النجاة من نتائج الأمراض النفسية.
لقد أيد أغلبية أعضاء مجلس الشورى توصية لجنة الشؤون الصحية في المجلس المتضمنة المطالبة بضرورة التوسع في خدمات أقسام تنويم المرضى النفسيين في المستشفيات التابعة للقطاعات الطبية العامة والخاصة وذلك بعد قناعة بما تنطق به الأرقام والإحصائيات لأعداد المرضى النفسيين والمحتاجين للرعاية النفسية تحت إشراف الأبوين أو من في حكمهم ممن تجب عليه الرعاية للمريض النفسي، بل إن التحذيرات من التصاعد المطرد للحالات تفرض وجود نظام وتوسع في الخدمات الصحية النفسية مع أهمية خاصة للوعي الذاتي والتوعية بطبيعة المرض النفسي والكيفية الصحيحة للتعامل معه قبل أن يستفحل خطره على صحة المريض ومن حوله.
إن هناك حاجة متزايدة في مجتمعنا للإرشاد الاجتماعي والتوجيه التربوي ووجود متخصصين في جميع مراحل التعليم للقيام بدور المرشد الجماعي والفردي للتوعية مع ضرورة تعاون الأسرة وتثقيف الأبوين بالمتابعة الدقيقة للأبناء والبنات وعلى الأخص في سن المراهقة وتطبيق المؤشرات العامة التي تؤكد وجود حالة نفسية تتطلب التدخل والعلاج فمن المعروف تردد صاحب الحالة في عرض مشكلته على أقرب الناس إليه، وكذلك على الطبيب المختص ومع وجود ما يقارب 400 ألف مراجع لعيادات الصحة النفسية خلال عام إلا أن العدد الفعلي أكبر من ذلك، فالمراجعون لا يشكلون كل الحالات المحتاجة إلى الرعاية الصحية النفسية.
ولعل تزايد الحالات المراجعة لمستشفيات وعيادات الصحة النفسية يرجع إلى عدة عوامل شخصية واجتماعية تخلق صعوبة التوافق مع المحيط أو الظروف المستجدة، وفي مقدمتها التوازن بين الجسم والنفس ومصالح الفرد ومصالح الجماعة والطموحات وما يفرضه الواقع من تحديات تقف عائقا أمام الإنسان ويزيد تأثيرها في ظل انعدام أو ضعف القناعة واللياقة النفسية على الصبر ومواجهة الصعوبات بإيمان وثبات، كما أن قصور التصور لرسالة الإنسان في الحياة وما تحمله من أمانة تجعل من الإنسان عرضة لمختلف الأعراض السيئة التي تلازمه ويصعب خلاصه منها دون علاج أو إرشاد.
إن تغير نمط الحياة في المجتمع أسهم مع ضغوط الحياة المادية في خلق ظروف جديدة لم يكن هناك توقع لها أو استعداد لمواجهتها، ومع ذلك فإن علم النفس، وعلى الأخص منه، تلك المفاهيم والقيم والمبادئ المستندة إلى تعاليم الدين الإسلامي الحنيف كفيلة ببناء الذات الإنسانية المثلى القادرة على صناعة السعادة والقناعة بما تمكن الإنسان من بنائه لذاته وما قدر له أن يحوزه منها وتفهم أن المعين الذي لا ينضب للسعادة هو الالتزام والعمل كفرد ضمن جماعة مترابطة تحقق له الانتماء والمساهمة وتجعل من القيم دستورا شخصيا حاكما على تصرفاته ومشاعره ورغباته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي