الإبل الأسترالية .. وبرنامج الغذاء العالمي
كثيرة هي التبريرات التي سيقت عن أسباب رغبة الحكومة الأسترالية في التخلص من الإبل البرية، وإذا كانت أغلبية تلك التبريرات مقبولة، إلا أنني لم أكن أتوقع أن يكون الهدف من ذلك المساهمة في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم، كما جاء في التبرير الذي ساقه عضو البرلمان الأسترالي جون كوب (الاقتصادية 14 كانون الثاني (يناير) الماضي)، فالنائب الأسترالي يرى أن قتل مليون من الإبل البرية التي تعيش في أستراليا يعادل الاستغناء عن 300 ألف سيارة، والسبب لأن الجمال تنفث كمية كبيرة من الكربون في الغلاف الجوي لأنها حيوانات مجترة، وهذا التبرير الغريب ينطبق على كثير من الحيوانات المجترة وليس مقصوراً على الجمال وحدها.
إن من يتابع ما ينشر عن خطة تنوي الحكومة الأسترالية من خلالها القضاء على هذه الجمال بواسطة قناصة على مروحيات للحد من أضرارها على المدن والقرى الأسترالية وبتكلفة تقدر بملايين الدولارات، لا بد أن يتساءل أليس هناك طريقة أخرى للحد من مخاطر تلك الجمال، بديلة عن القضاء عليها دون الاستفادة من لحومها؟ أليس من الممكن أن تتحول خطة التخلص من هذه الجمال إلى مشروع خيري مستمر ترعاه دول أو جمعيات خيرية؟، بحيث يتم الاتفاق مع الحكومة الأسترالية على تخدير تلك الإبل بدلاً من قتلها، وتحديد أماكن لحجزها، ومن ثم نحرها وتوزيع لحومها على فقراء العالم عبر مشروع يمكن أن يندرج ضمن برنامج الغذاء العالمي، ويمكن لتنفيذ هذا المشروع الاستفادة من تجربة المملكة الناجحة في مجال الاستفادة من لحوم الأضاحي.
إن رؤية تلك الجمال الشاردة الوجلة التي تنتظر مصيرها تبعث على الشفقة، فهذه الجمال التي جُلبت إلى أستراليا في وقت لم تكن هناك وسائل نقل أخرى، وقامت بدور بارز في استكشاف مجاهل تلك القارة، والتنقل عبرها، سيتم التخلص منها عبر برنامج خصصت له ملايين الدولارات بحيث تذهب هذه الثروة الحيوانية سدى، دون أن ينتفع منها أحد.
والوقت لم يفت على تقديم مبادرة للاستفادة من هذه الإبل التي لا يصدر منها سوى 25 ألف رأس فقط سنويا، ومبادرة من مثل هذا النوع سترفع الحرج عن الحكومة الأسترالية التي تواجه معارضة كبيرة من جماعات أسترالية تعارض إبادة الإبل، بل إن بعض معارضي هذه الإبادة يرى أنه لا يمكن أن يتم التخلص من الإبل بشكل تام بسبب تضاعف عددها كل سبع سنوات، وهذا ما أشار إليه بادي ماكهيو الذي يُشرف على عمليات صيد الجمال في أستراليا، حيث أشار إلى أن القتل سيكون غير مؤثر لأن العدد سيعود كما كان، مما يعني تخصيص ميزانية أخرى للقضاء على مزيد من الإبل.