تبرير امتهان الكرامة الآدمية
في الوقت الذي انتقدت فيه بعض الدول وبعض الكتاب في الصحف والمواقع الإعلامية الأخرى القرار التعسفي والعنصري، الذي اتخذته السلطات الأمنية الأمريكية في التفتيش الذاتي على مواطني 14 دولة، كلها عربية أو إسلامية عدا كوباً (للتضليل)، نفاجأ أن بعض الصحف تحاول أن توجد المبررات لمثل تلك التصرفات وذلك بنشر أخبار لا يمكن أن يقبلها العاقل، فعلى سبيل المثال لا الحصر: كان هنالك خبر في بداية الصفحة الأولى لإحدى صحفنا السعودية الواسعة الانتشار، يتضمن تصريح مسؤول أمني بريطاني أن هنالك تخطيطا لزرع قنابل في أحشاء انتحاريين وأثداء إرهابيات!!، وهذا التقرير مبني حسب ادعاء المسؤول (الذي لم يذكر اسمه!!) على محادثات في غرف دردشة عربية على شبكة إنترنت فالنشر والترويج لمثل ذلك الخبر بحد ذاته عبارة عن إيجاد المبررات للإجراءات التعسفية القائمة لتفتيش كل عربي أو مسلم بأسلوب غير حضاري أو إنساني، حيث إن فيه امتهاناً للكرامة الآدمية فمنذ رواية 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001 فقد تعرض المواطن العربي إلى أبشع أنواع الإهانات والتفتيش المذل في المطارات الأمريكية، ولم يحدث مطلقا، وطوال السنوات التسع الماضية، أن أدت عمليات التفتيش والتبصيم إلى كشف أي شيء مخل بالأمن في أمتعة أي عربي أو مسلم، فلماذا إذاً نكافأ بتلك الإجراءات العنصرية المقيتة أيها الأصدقاء؟!
فلو تتبعنا النقاشات التي حصلت في مجلس العموم البريطاني وما قام به رئيس وزرائهم السابق توني بلير وجهاز الاستخبارات البريطاني من كذب وتلفيق أخبار وقضايا داخل وخارج بريطانيا تتضمن اتهامات ضد العرب والمسلمين، لتبرير غزوهم ومن ثم احتلالهم للعراق لتبين لنا أن نأخذ الحذر من كل خبر، وأن ندرس عواقب تصديقه ونشره، حتى لو كان من كبار مسؤوليهم، فقد تبين بالدليل القاطع أن هنالك حملة شرسة لتشويه سمعة العرب والمسلمين تقوم بها جهات متنفذة في الدول الغربية، خصوصاً بعد زيادة أعدادهم ونفوذهم السياسي والاقتصادي في تلك المجتمعات.
ولو رجعنا للوراء قليلاً وتتبعنا أحداث رواية 11 أيلول (سبتمبر)، لوجدنا أن هنالك الكثير من علامات الاستفهام حول المتورطين في التخطيط لها، وقد عبر عنها بصراحة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي يعد أكبر خبير أمني، وكذلك الكتاب الفرنسي المعنون «بالخديعة الكبرى» إضافة إلى تحليل الكثير من علماء الفيزياء والهندسة في أمريكا: في أن مثل هذا الحدث يحتاج إلى تحليل ومحاسبة لأن الرواية الأمريكية عن تلك الأحداث مازالت غامضة ولا يمكن أن تصدق بتلك الأدلة.
وحتى لا تكون مجتمعاتنا ضحية ادعاءات وتصورات تحت المبررات الأمنية غير المنطقية والموثقة ينبغي أن يكون لدينا حس إعلامي متميز، يقوم بتحليل الأخبار قبل نشرها، فلا يمكن أن يحاسب ويعاقب الجميع بادعاء ضد أو حتى بفعل فئة شاذة من المجتمع، كما أنه مما ينبغي الإشارة له أن هنالك شراكة مصلحية بين الغرب والتنظيمات الإرهابية لزعزعة الأمن أو لتشويه سمعة العرب والمسلمين. أخيرا وليس آخراً، رسالة مهمة يجب أن يعلمها كل من ينتمي أو يتعاطف مع تلك التنظيمات: وهي أن ما تقومون به هو في الواقع يصب في مصلحة الأعداء ولا يخدم الدعوة لله، وقد تكونون من الذين قال عنهم الباري عز وجل: «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً».