نجاحات التعليم العالي .. والحاجة إلى تأهيل سوق العمل

لم تأت إقامة المعرض الدولي للتعليم العالي في مدينة الرياض خلال الأسبوع الماضي، كحدث معزول عما يجري من تطورات كبيرة ومتسارعة في قطاع التعليم العالي، بل كان المعرض وما شهده من اهتمام كبير من الجامعات السعودية والعالمية والذي تمثل في مشاركة 340 جامعة عالمية ومنظمة دولية وفي لإقبال الكبير من الزائرين، نتيجة حتمية لهذه التطورات التي بدأت ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، ثم تمديد هذا البرنامج لمدة خمس سنوات أخرى، اعتبارا من العام الحالي، إضافة إلى ما أعلن عنه من تحمل الدولة 50 في المائة من رسوم طلاب الكليات الأهلية، وما حققته الجامعات السعودية من قفزات كبيرة في مجال العدد والمستوى، وما صحب ذلك من توفير فرص تعليمية أكبر للطلاب والطالبات السعوديين.
فضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي نرى أن هناك 83 ألف طالب وطالبة يدرسون في جامعات 16 دولة من دول العالم، كل هذه الإنجازات الكبيرة تضع أمام المسؤولين عن سوق العمل مسؤوليات كبيرة، مما يستدعي إعادة النظر في كيفية التعامل مع سوق العمل وما يصحب ذلك من اشتراطات في الاستقدام والتوظيف لتأهيل هذا السوق وتهيئته لاستقبال جزء كبير من هؤلاء الخريجين.
ففكرة سعودة بعض المهن البسيطة التي كانت الأجهزة المعنية في سوق العمل تسعى لتحقيقها وتجد ممانعات قوية من قطاعات كبيرة من المهيمنين على هذه المجالات مما أدى إلى إفشالها، لن تكون مقبولة من خريجي الجامعات السعوديين سواء كانوا الدارسين في الداخل أو المبتعثين، مما يستدعي الانتقال إلى مرحلة يتم فيها تصحيح الوضع، ووضع اشتراطات ملزمة تضمن إعادة صياغة سوق العمل ليكون مؤهلاً لاستقبال هؤلاء الخريجين في مهن عليا ترتقي إلى التخصصات التي يحملونها، حتى لا نرى هؤلاء الخريجين وقد تسربوا إلى أسواق العمل في دول أخرى.
لقد أشار معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري في تصريح له إلى أن الهدف من الابتعاث هو “رفع كفاءة أبناء الوطن وبناته وتزويدهم بشتى أنواع المعارف والعلوم في مختلف التخصصات والتطبيقات العلمية والنظرية من مختلف جامعات الدول المتقدمة” و”أن تكون معطياته وعائده المأمول - بإذن الله - على الوطن بأعلى درجات التميز وتحقيق الأهداف المرجوة منه - بإذن الله - تعالى بما يسهم في تعزيز وإعداد الكفايات وتفعيل وتنمية الموارد البشرية وتأهيلها بشكل فاعل لكي تصبح منافساً عالمياً في سوق العمل ومجالات البحث العلمي ورافداً مهماً في دعم الجامعات السعودية والقطاعين الحكومي والأهلي بالكفاءات المتميزة من أبناء الوطن”.
وهذا يعني أن سوق العمل هو المستهدف الأول لعمل هؤلاء الخريجين، ومن هذا المنطلق نجد أن مبررات عدم تأهيل الشباب لسوق العمل مبررات لا يمكن قبولها، خاصة أن غالبية من يتم استقدامهم لا يكتسبون أية مهارات إلا بعد الالتحاق بسوق العمل.
***

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي