ربع قرن من المنجزات

استخلف الله - سبحانه وتعالى - الإنسان في الأرض لتعميرها وتسخير مواردها بما ينفع البشرية جمعاء، وكان للقيادة والقائد عبر التاريخ الدور المؤثر والكلمة الفصل في تحقيق المنجزات وتذليل الصعوبات وتجاوز التحديات التي واجهت التطور الحضاري لمختلف الأمم والشعوب، ومن نعم المولى - عزّ وجل - أن قيض لهذه البلاد الطاهرة قادةً أوفياء من أبنائها المخلصين، فكان لهم الفضل بعد الله في تحقيق ما وصلت إليه المملكة من تقدم حضاري ملموس على مختلف الأصعدة وفي جميع المجالات. هذا الفكر القيادي الناضج الذي اهتم بالتنمية المتوازنة وفق ما تمليه الشريعة الإسلامية السمحة أرسى دعائمه المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه -، واستمرت المسيرة وتواصلت المنجزات مع أبنائه الملوك البررة الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد - رحمهم الله - جميعاً. ثم أضيفت لبنة كبرى جديدة وتجلت آفاق رحبة وواسعة لثقل المملكة وريادتها وقوة تأثيرها في الصعيدين الإقليمي والدولي في ظل حكمة القيادة وبُعد النظر ورجاحة العقل وغيرها من الصفات الحميدة التي يتحلى بها ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - رعاه الله. أما على المستوى الداخلي فإن مناطق ومدن وقرى المملكة تعيش اليوم نهضة كبرى بفضل القيادة الحكيمة، ويحظى المواطن والمقيم برعاية كريمة من لدن ولاة الأمر في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني - حفظهم الله.
لقد حظيت مناطق المملكة بقفزة تنموية كبرى سابقت الزمن وتحققت في وقت وجيز قياساً بالأمم والشعوب الأخرى، والمنطقة الشرقية واحدة من المناطق المهمة في عقد الوطن الجميل المرصع بالصور التي تدعو للفخر والابتهاج. إن المتتبع لتاريخ المنطقة الشرقية وهي المنطقة الكبيرة بمساحتها وعدد سكانها ومواردها الاستراتيجية المهمة التي ينعم الوطن بخيراتها يجد أن هناك حدثين كبيرين كان لهما التأثير المباشر فيما وصلت إليه هذه المنطقة اليوم من رقي وتقدم، الحدث الأول كان اكتشاف النفط ثم إنتاجه وتصديره بكميات تجارية في عهد الملك المؤسس في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، أما الحدث الثاني الذي لا يقل عن سابقه أهمية فكان ثقة ولاة الأمر بتعيين الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أميراً للمنطقة الشرقية وقائداً لمسيرتها التنموية الحديثة ومهندساً لمنجزاتها الحضارية المتعددة. فهذا الأمير المحبوب الذي يحمل مؤهلاً جامعياً عالياً في تخصص الاقتصاد والعلوم السياسية هو من أحدث النقلة النوعية الكبرى في تنمية المنطقة ورسَم ملامحها وخطّط مسارات تنميتها المعاصرة وهيأ طريقها المستقبلي في ظل التنافسية الإقليمية والعالمية، لقد عمل بجد وإخلاص لفترة تجاوزت ربع القرن فكانت النتيجة والثمرة منطقة جذابة تزهو بوجهها الحضاري وحلتها الزاهية وتخطو بخطى واثقة نحو المستقبل. وكانت الفترة التي عمل فيها الأمير محمد بن فهد أميراً للمنطقة الشرقية وامتدت لأكثر من ربع قرن كفيلة بإيجاد علاقة عشق أبدية بين الأمير المحبوب والمنطقة الجميلة. إن المتتبع لمسيرة هذا الأمير المحبوب منذ توليه إمارة المنطقة الشرقية يجدها زاخرة بالمنجزات ومرصعة بالثمرات التي يقودها الفكر المبدع والنظرة الطموحة والعمل الدؤوب، وإن أجمل ما تعلمناه من الأمير محمد هو عدم الفصل بين المجتمع والتنمية، لقد رسخ سموه مبدأ الشراكة مع المجتمع وتنمية الإنسان والمكان في آنٍ واحد، وليس أدل على ذلك من عنايته الكبيرة بتنمية المدن وتنفيذ المشاريع الحيوية والعمرانية والصناعية في المنطقة، وفي الوقت ذاته اهتمامه الكبير بأعمال البر والحث على التطوير والتحسين والإنجاز والاستثمار في الإنسان، هذه القيم الكبيرة والأهداف النبيلة تتجلى بوضوح في منظومة البرامج والجوائز التي أسسها ويدعمها ويرعاها سموه الكريم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر جائزة سموه للتفوق العلمي، وجائزة سموه للأداء الحكومي المتميز، وجائزة سموه لخدمة أعمال البر، إضافة إلى البرامج والمشاريع التي أسسها ويرعاها ويدعمها سموه الكريم ومنها برنامج الأمير محمد لتأهيل وتوظيف الشباب، ومشروع قياس وتحقيق رضا المستفيدين في الأجهزة الحكومية، ومشاريع الأمير محمد للمساكن الميسرة في المنطقة الشرقية، بل إن أيديه السخية وعطاءه الوافر وكرمه المعهود تجاوزت حدود المنطقة الشرقية وامتدت إلى منطقة جازان، عندما تبرع سموه الكريم بإنشاء مدينتين سكنيتين على نفقة سموه الكريم للأسر النازحة في المناطق الحدودية مع اليمن.
لقد كان موعد هذه المنطقة وقدرها - بفضل الله تعالى - مع أميرها المحبوب الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز الذي تولى زمام إمارتها وهو الأمير الشاب المليء بالحيوية والطموح والطاقة والآمال العريضة، متسلحاً بالعلم والثقافة والعقل المتفتح والإرادة الصلبة والرغبة الصادقة في تنمية المنطقة وتطويرها في شتى المجالات، لقد وضع نصب عينيه تنمية هذه المنطقة وجعلها مثالاً، يحتذى؛ والنهوض بأبنائها وتحقيق الراحة والرفاهية لهم, وكانت هذه الأهداف والآمال في وجدان سموه وتحتل صميم اهتمامه منذ بداية عمله أميراً للمنطقة, فوضع الخطط ورسم الطريق وأسس القاعدة لهذه التطلعات والرؤى التي أصبحت واقعاً ملموساً بفضل وعي سموه الكريم وقدرته على تلمس الأسباب والسبل الكفيلة بتحقيقها والوصول إليها. لقد حشد سموه الإمكانات والطاقات وشحذ الهمم واستنفر كل الجهود وحفز الجميع في هذه المنطقة على العمل الدؤوب والتعاون المثمر, فامتزج التخطيط السليم بالإصرار والمثابرة والمتابعة المتواصلة على مدى السنوات الماضية دون كلل أو ملل، معتمداً على الله تعالى ثم دعم وسخاء قيادتنا الحكيمة - رعاها الله - فكان النجاح والتوفيق, وكانت المنجزات العظيمة التي تزخر بها المنطقة وينعم بها أبناؤها من المواطنين والمقيمين.
هناك العديد والعديد من المنجزات الكبرى والمشاريع العملاقة التي حظيت بها المنطقة الشرقية منذ تولي الأمير المحبوب إمارتها ومن الصعب اختزالها في بعض الكلمات، ولكننا سنقلب بعضاً من صفحات التنمية الشاملة في هذه المنطقة لعلها تتحدث ولو بالقليل عن القفزات والمنجزات التي حدثت والتي هي أشبه بالمعجزات، كيف لا والمنطقة الشرقية كما وصفها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هي منطقة الخير. إن أول ما يلفت النظر في المنطقة الشرقية هي النهضة الشاملة التي شهدتها المنطقة في السنوات الماضية, فقد حدث طفرة عمرانية تضاعفت على أثرها مساحات المدن وازدادت المشاريع الحضرية والتطويرية والمدنية والترفيهية، ومن مقتضيات هذا التطور العمراني الكبير تم إنشاء بنية خدمية متكاملة لتلبية احتياجات سكان وزوار المنطقة شملت شبكات الطرق وتصريف مياه السيول والأمطار والصرف الصحي والإنارة والحدائق وأماكن الترفيه، إضافة إلى الخدمات الأخرى كالإدارات الحكومية والمدارس والمعاهد والجامعات والمستشفيات والمساجد والأسواق والمجمعات التجارية والمعارض. وقد شهدت أعمال النظافة العامة وصحة البيئة والتحسين والتجميل في مدن المنطقة نقلة حضارية متميزة بفضل دعم وتوجيه أمير المنطقة ونائبه مما مكّن بعض مدن المنطقة من المنافسة والفوز بجوائز محلية وإقليمية مشرفة تسجل في المقام الأول لهذا الأمير الهمام.
ومن الصور البارزة في هذا المشهد الرائع من المنجزات منتزه الملك فهد بن عبد العزيز في مدينة الدمام والذي يُعد الأكبر من نوعه في المنطقة، وتتوافر به المسطحات الخضراء والممرات المائية والمرافق والخدمات ووسائل الترفيه وكان هو الرئة التي تتنفس من خلالها مدن المنطقة في العقدين الماضيين، ثم جاء المشروع الحضاري والترفيهي والسياحي العملاق الذي يمتد في أحسن حُلة وأجمل صورة؛ ذلك هو كورنيش المنطقة الشرقية الذي يمر بمعظم محافظات المنطقة ويصافح مدنها من الخبر إلى الدمام إلى سيهات ثم مدن القطيف و رأس تنورة والجبيل. ولكي تكتمل الصورة لهذا الصرح الحضاري الرائع تبرز على امتداده المشاريع الترفيهية والسياحة الكبيرة المتمثلة في الواجهات البحرية التي شملت متنزه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الدمام، والذي يمثل الوجه المشرق الجميل للمنطقة ويعكس ما وصلت إليه من تقدم وتطور، ويحتوي على مسطحات خضراء وساحة للاحتفالات وممرات مشاة وعناصر أخرى خدمية وترفيهية جاءت بفكر تصميمي مبتكر يشهد على ريادة وتميز المنطقة، وهناك أيضاً متنزه الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز في محافظة الخبر، الذي يحتوي على عناصر ومقومات ترفيهية وسياحية راقية, وعلى الجانب الآخر لهذه الصورة الجميلة نجد المنشآت السياحية والترفيهية التي تزين شاطئ نصف القمر وشاطئ العزيزية والمتمثلة في المنتجعات والقرى السياحية والجلسات والمظلات وأنواع الخدمات والمرافق التي تجتذب كثيرا من أبناء المنطقة وزوارها, كما تنتشر داخل مدن المنطقة المتنزهات والحدائق العامة والساحات والميادين التي لا يكاد يخلو منها حيّ من أحياء المدن، وقد حظيت مراكز المدن والأحياء السكنية بمشاريع تطويرية وتأهيلية كبرى شملت منظومة النقل والجسور والأنفاق وخدمات البنية التحتية والتشجير والتحسين والتجميل. ومن الصور البارزة واللافتة في هذا المشهد الرائع الحركة الصناعية والتجارية والتحول الاقتصادي الذي حدث في المنطقة خلال العقود الماضية، والذي نشهده بوضوح في التوسع في إنشاء المناطق الصناعية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة والمشاريع الاستثمارية الترفيهية والخدمية، والإقبال المتزايد على خوض المستثمرين لهذه المجالات بالنظر لما يقدم لهم من تشجيع وتسهيلات وحوافز من توفير للأراضي والمساحات اللازمة لتلك النشاطات. ولا تزال في المشهد صور أخرى عديدة ورائعة لكثير من المنجزات التي تحققت في ظل دعم وتوجيهات أمير المنطقة المحبوب، والمنجزات الأخرى القادمة التي ستأتي بها الأيام كثيرة ولا يتسع المقام لذكرها, ومن المستحسن أن يتم العمل على رصد وتوثيق منجزات أمير المنطقة عبر ربع قرن من الزمن باعتبارها جزءاً مهماً من تاريخ هذه المنطقة و تطورها الحديث.
في الختام ندعو الله لسموه الكريم في هذه المناسبة الغالية بدوام الصحة والعافية ومواصلة العطاء المتميز من أجل استمرار نهضة هذه المنطقة ورقيها ورفعة وطننا الحبيب الذي يحتضننا تحت ظلاله الوارفة وننعم بخيراته الوافرة، ونسأل الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا من كيد الحاقدين وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني - حفظهم الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي