إياد علاوي.. رجل دولة في عراق طائفي
لست من أصدقاء إياد علاوي ولكن من متابعي نشاطه السياسي والثقافي والفكري إبان معارضته صدام حسين،كان له على الدوام من منتقديه،لكن النقد كان سياسيا ولم يصل إلى حد الاتهام بالعصمة السياسية والطائفية،فكان شخصا مختلفا،فرغم اختلافه مع صدام حسين إلا أن علاوي كان يبعد الخلاف عن جوانبه الشخصية إلى مشروع وطني من أجل العراق بجميع طوائفه وقومياته.
في لندن سبق أن التقيت علاوي وعددا من المثقفين العراقيين،كان علاوي واقعيا في سلوكه وتصرفه السياسي،كان وطنيا وقوميا دون انفعال،يعترف بالخصوصية القومية والطائفية في العراق لكنها خصوصية في إطار الدولة وليست فوقها مهما كانت الظروف والاعتبارات. عندما بدأت مؤتمرات المعارضة العراقية في الانعقاد،لم يمانع علاوي من حلول دبلوماسية تضمن مغادرة صدام الحكم أو حتى قبوله بالتنازل عن الحكم لمصلحة المشروع الوطني العراقي الذي ينتمي إليه كل العراقيين بلا استثناء،كان علاوي مع تغيير صدام لكن التغيير يجب ألا يذهب بالعراق، إلى أن يؤسس لفوضى ودمار وموت ونعرات جديدة. يراهن علاوي على إمكانات العراق المعنوية والاعتبارية،يراهن على المثقفين والوطنيين من مختلف التوجهات،يراهن على أهمية توظيف التنوع القومي في خدمة العراق،ويرى أنه آن الأوان لعراق لكل أبنائه ليس لطائفة ولا لحزب ولا لفرد. هذا المسار في شخصية علاوي لم يهضمه الآخرون لعدة اعتبارات لأن الطائفية خزان وقود وتعبئة وسياج حام لوجودهم، لأن الطائفية ردة فعل على القسمة الوطنية غير العادلة،لأنها ضد مبدأ الدولة الأمة لأنها فعل مؤثر سلبا في تحقيق الأمن والاستقرار، ولأنها محاولة للاتكاء على التاريخ لتأسيس فعل وواقع سياسي جديد. علاوي رغم اختلافهم معه كان دائما أمينا لرؤيته ومشروعه الوطني،مشروع العراق الجديد غير الطائفي،عراق الأمن والاستقرار ودولة المؤسسات والقانون،وهذه الرؤية وان غابت في ظل الرياح الطائفية إلا أن كثيرا من العراقيين يرون أنها الأصلح والأمثل، وأنها التعبير الحقيقي عن العراق الجديد،ولهذا وعلى الرغم من قوة العامل الطائفي مازال مشروع علاوي يثير قلق الآخرين وحفيظتهم. على الرغم من محاولات منعه من الترشح للانتخابات القادمة،ظل علاوي سائرا إلى الأمام في تشكيل الحركة الوطنية العراقية بالتعاون وصالح المطلك وظافر العاني. وعندما سئل علاوي عن أهدف قائمته الانتخابية العراقية التي تضم 63 كيانا قال إن هدفها ''تغيير المناخ السياسي باتجاه الانفتاح والتسامح والسلم الأهلي لإصلاح العملية السياسية وإنهاء حالات التوتر مع شركاء العملية السياسية ومن الذين لم تتلوث أيديهم بدماء أبناء شعبنا.. والتوقف عن تسييس القوانين.
هنا تبرز شخصية إياد علاوي في رسالته إلى الرئيس العراقي جلال طالباني ردا على تلك التصريحات التي أطلقها الصديق الدكتور ظافر العاني ضد طالباني الذي اعتبرها مسيئة له حيث كانت رسالة علاوي فيها رؤية رجل دولة في التجاوز عن الصغائر والنظر بعيد إلى أمن العراق واستقراره ووحدته حيث خاطب طالباني بقوله “إن العلاقات الأخوية والنضالية وواقع الشراكة الحقة يدعنا نضع مثل هذه التصريحات خلف ظهورنا والمضي قدماً يداً بيد في طريق بناء استقرار ونمو ووحدة العراق”.
علاوي يحظى باحترام الأوساط العراقية كافة، وتتميز شخصيته بقدرة على القيادة وإضفاء الطابع الرمزي للسلطة،ويمتاز بقدرته على التعاون والحوار وبناء الشراكات الموثوقة،كما انه يحظى بقبول دولي وإقليمي وعربي،وبالتالي فإنه شخصية مؤهلة لعراق جديد،لهذا السبب يمكن فهم الأسباب والدعاوى التي تقف خلف محاولات تهميشه أو شطب قائمته من الانتخابات القادمة.