خصوصية الشباب السعودي

يتواصل ظهور صفات الخصوصية في المجتمع السعودي يوماً بعد يوم سواء بالنسبة للشباب أو الشابات وتتكشف باستمرار بعض الممارسات التي لا تكاد تراها في كثير من المجتمعات إلا في مجتمعنا وفي مقدمتها عدم الالتزام بالأنظمة والقوانين العامة ابتداء بأنظمة المرور وغيرها من الأنظمة الحكومية وانتهاءً بالممارسات اليومية السيئة وفي مقدمتها التدخين في الأماكن العامة.
وقد كشف أخيرا عن خصوصية أخرى للشباب السعودي قدمها مدير المركز الوطني للقياس والتقويم في وزارة التعليم العالي، حيث أوضح أن نسبة الطلاب الذين يتجاوزون درجة 90 في المائة أقل من 2 في المائة من مجموع المتقدمين، مشيراً إلى أن هذه النسبة منها 80 في المائة من غير السعوديين، كما أضاف أنه عند بداية تطبيق الاختبارات قبل عدة سنوات وجد أن 47 في المائة من الطلاب المقبولين حصلوا على إنذار من الجامعة في السنة الأولى، كما أوضح أن 50 في المائة من الطلاب المقبولين في الجامعة هم أقل من المستوى المفترض لطالب الجامعة، مشيراً إلى أن قرار إلغاء مركزية الامتحانات للثانوية العامة أظهر تضخيماً في نتائج بعض الطلاب مما يجعل من الصعوبة الاعتماد عليها، كما أكد أن الغش موجود بين الطلاب ويواجه بحرمان الطالب من التقدم للامتحان لمدة سنة أو سنتين، مشيراً إلى أن 57 في المائة من الطلاب لديهم انطباع إيجابي عن الاختبار.
هذه الإحصائيات تؤكد لنا حقيقة مرة تكرر التأكيد عليها وهي وجود فجوة عميقة واضحة بين مخرجات الثانوية العامة ومتطلبات الجامعات فنسبة 2 في المائة هي نسبة مرعبة وإذا لاحظنا أن 80 في المائة من هؤلاء غير سعوديين فقد يكون لهؤلاء أسبابهم فهم في بلد آخر وفرص الالتحاق بالدراسة الجامعية محدودة، إضافة إلى أن الأسرة بأكملها قد وضعت لنفسها برنامجاً معيناً يقتضي أن يعمل الأب لفترة زمنية معينة وفي هذا الوقت يقوم الأبناء بالجد والاجتهاد للدراسة والاستفادة من الوقت ليستطيع أن يواصل مراحل حياته المستقبلية، أما كثير من الشباب السعوديين فيأتي هذا الاختبار بالنسبة له كصدمة موجعة فهو يشمل اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم الطبيعية وتحليل البيانات في وقت واحد وهو الذي لا يستطيع أن يجيب عن مثل هذه الأسئلة لو جاءته متفرقة في أيام مختلفة، بل إن كثيراً من شبابنا يتخرج في الثانوية العامة وهو لا يعرف أسس اللغة أو الرياضيات أو غيرها من العلوم وهي نتيجة طبيعية. وعلى الرغم من وجود فئة من الشباب متميزة بل بعضهم يتمتع بصفات نابغة نفتخر بها في كثير من الميادين التعليمية، إلاَ أن أغلبية الشباب في مراحل الثانوية استسلموا للانخضاع للمنهج التعليمي الموجود في المدارس، الذي ساهم في وضعهم في قوالب جامدة مما جعل حصيلتهم العلمية متواضعة وإن وجدت فهي تستمر لفترة محدودة خلال الفصل الدراسي وتنتهي بعد الاختبار مباشرة.
خصوصية شبابنا غرست في أذهانهم أن التعليم لحصد الدرجات لا لاستيعاب المعلومات والتمعن فيما يقدم لهم من دروس، حتى أصبح هم كل واحد منهم هو الحصول على شهادة الثانوية العامة بغض النظر عن التقدير الذي لم يعد له فائدة واضحة مع اختبارات مركز القياس والتقويم.
خصوصية شبابنا جعلت مسلسل اللامبالاة لديهم يتواصل فلم التعب والعناء والمشقة والدراسة وفي نهاية المطاف شهادة لا تسمن ولا تغني من جوع وحتى لو حالف الحظ البعض واجتاز الاختبار فسيتكرر المسلسل نفسه في الجامعة وستكون المحصلة شهادة أخرى تضاف إلى شهادة الثانوية السابقة.
القضية تحتاج إلى إعادة تأهيل للطلاب منذ الصغر عن السبب في الدراسة وتحتاج إلى أن نزرع في أذهان أبنائنا حب التعلم وأن المدرسة هي وسيلة لهذا التعلم، ولن يكون هناك تغيير في هذه النسبة مستقبلاً إذا لم نعمل على تغيير ثقافة أبنائنا في أسلوب وطريقة تحصيلهم العلمي وفي ذلك عودة للمربع الأول وهو المدرسة والمناهج والمعلمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي