مؤشر أسعار السلع .. خطوة رائدة للتثقيف الاستهلاكي
أعلنت وزارة التجارة والصناعة يوم الجمعة الموافق 18 كانون الأول (ديسمبر) عبر عدد من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، عن نيتها قريباً إطلاق مؤشر أسعار للسلع الاستهلاكية في السعودية، الذي سيشتمل في بداية انطلاقته على أسعار يومية لعدد من أصناف السلع الغذائية، وهي الدقيق، والأرز، والسكر، والحليب المجفف، والزيوت النباتية، واللحوم الحمراء، ولحوم الدواجن، وذلك في عدد من مدن ومحافظات المملكة الرئيسة.
يقدم المؤشر إضافة إلى ذلك تحليلاً لمتوسط أسعار السلع الغذائية التموينية والسلع الأخرى مثل (الأسمنت، وحديد التسليح، والشعير) بشكل أسبوعي ومقارنتها بآخر ثلاثة أسابيع مضت في 27 محافظة مختارة من محافظات المملكة، التي لدى الوزارة فروع ومكاتب بها.
جدير بالذكر أن انطلاقة مؤشر لأسعار السلع الغذائية والتموينية في المملكة، هي امتداد لفكرة ومبادرة من الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، عندما أصدر أمره بتاريخ الثاني من كانون الثاني (يناير) عام 2008 لأمانة مدينة الرياض بإطلاق مؤشر للأسعار في مدينة الرياض، وتدشين الموقع الإلكتروني الخاص به في يوم الثلاثاء الموافق 11 آذار (مارس) من العام نفسه، الذي تلخصت فكرته آن ذاك في الاتفاق مع عدد من المراكز التجارية في مدينة الرياض، لتزويد الأمانة بأسعار عدد من السلع الغذائية والتموينية لفترة أسبوع، مع اشتراط تثبيت أسعار السلع المعلن عنها خلال ذلك الأسبوع.
حظي المؤشر المذكور وقت الإعلان عنه وتنفيذه على أرض الواقع بقبول واستحسان منقطعي النظير من قبل المستهلكين للسلع والمواد الغذائية والتموينية في مدينة الرياض، لكونه أسهم بفاعلية كبرى في استحداث وخلق بيئة تنافسية بين المراكز التجارية، والحد من ظاهرة ارتفاع أسعار السلع الأساسية والضرورية المستهدفة، هذا إضافة إلى إسهامه الملحوظ في الرفع من مستوى وعي المستهلك المرتبط بأسعار السلع والمواد الأساسية بأنواعها المختلفة والبدائل المتاحة.
بعد مضي فترة على انطلاق المؤشر المذكور، وتحقيقه نجاحا كبيرا منذ انطلاقته الأولى في مدينة الرياض، نظراً وكما أسلفت لقدرته على خلق بيئة تجارية تنافسية وصحية بين المراكز التجارية، برزت فكرة تعميمه على مستوى المملكة، بهدف تعميم الفائدة على المدن والمحافظات بما في ذلك المستهلكين، وتبعاً لذلك تم عقد اجتماعات بين أمانة مدينة الرياض ووزارة التجارة والصناعة لنقل المؤشر للوزارة، وعلى ضوء ذلك قررت أمانة مدينة الرياض بتاريخ 21/1/1430 إيقاف عمل المؤشر تمهيداً لإتمام عملية النقل للوزارة.
مؤشر الأسعار الذي ستطلقه وزارة التجارة والصناعة قريباً، يوضح من خلال موقع الوزارة الإلكتروني www.mci.gov.sa، وكما أسلفت حركة أسعار عدد من السلع التموينية الأساسية، التي تقوم وزارة التجارة والصناعة برصدها إلكترونياً ومن خلال الاستعانة بمراقبيها بعدد من المراكز التجارية خلال فترة معينة، ويتوقع للمؤشر عند إطلاقه أن يحقق العديد من الأهداف، التي من بينها: (1) توفير معلومات للمستهلك عن مستويات أسعار السلع التموينية والأساسية. (2) إتاحة الفرصة للمستهلك للتعرف على مستويات الأسعار ومقارنتها بين منافذ البيع المختلفة لاختيار المنافذ المناسبة والأكثر ملاءمة بالنسبة لمستوى دخله. (3) العمل على تعزيز المنافسة بين منافذ البيع من خلال المساهمة في تقديم السلع الأساسية بأسعار ملائمة للمستهلك. (4) إمكانية مقارنة تطور أسعار السلع خلال عدة فترات. (5) توفير معلومات للباحثين وللمحللين وللإحصائيين من خلال الموقع الإلكتروني عن تحركات أسعار السلع التموينية والأساسية خلال سلسلة زمنية معينة من الزمن.
آلية عمل المؤشر تتمثل في جزئيتين رئيسيتين، الأولى في حساب متوسط قيمة أسعار السلع التموينية الأساسية في المحافظات التي للوزارة فروع ومكاتب فيها وعددها 27 محافظة، والجزئية الثانية في رصد للأسعار اليومية في أربعة مراكز تجارية في المحافظات الرئيسة في المملكة، وقد حددت الوزارة سبع محافظات رئيسة في المملكة لرصد أسعار السلع التموينية بشكل يومي، حيث تم اختيار الرياض في وسط المملكة، وجدة في غربها، والدمام في شرقها، وأبها في جنوبها، وتبوك في شمالها، هذا إضافة إلى اختيار مكة المكرمة والمدينة المنورة كمدينتين مقدستين.
دون أدنى شك أن عزم وزارة التجارة والصناعة في القريب تعميم تطبيق فكرة مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية على جميع مناطق المملكة (الوسطى، والغربية، والشرقية، والجنوبية، والشمالية)، تعد خطوة رائدة في الاتجاه الصحيح للتثقيف الاستهلاكي، لكونها ستعمل على الارتقاء بوعي المستهلك السعودي، والتعزيز من ثقافة الشراء لديه، من خلال توفير معلومات تحليلية عن أسعار السلع الأساسية والضرورية سواء كان ذلك على شكل يومي أو على شكل متوسطات أسبوعية، بما في ذلك القيام بعمل المقارنات اللازمة، لكن لكي تؤتي مثل هذه الخطوة الممتازة أكلها وأن تحقق الأهداف المرجوة منها، لا بد أن يتفاعل ويتجاوب معها المستهلك والتاجر على حد سواء، وبمعنى آخر أوضح وأدق أن المسؤولية في نجاح المؤشر وتحقيقه لأهدافه المنشودة، يتطلب تكاتف جهود الجميع، فالتاجر تقع عليه مسؤولية توفير السلع الضرورية والأساسية للأسواق بأسعار وأرباح معقولة بعيدا عن الجشع والاستغلال، بينما مسؤولية المستهلك تنحصر في الاستهلاك المسؤول والمرشد بعيداً عن المبالغة غير المبررة، التي تسهم بشكل كبير في رفع الأسعار، ومن هذا المنطلق فإن على المستهلك ترتيب أولويات الإنفاق لديه ووضع ميزانية محددة لمشترياته وعدم الالتفات إلى الإعلانات الترويجية المضللة، التي تخلق في معظم الأحيان طلبا وهميا وغير حقيقي على السلع والخدمات، يسهم بشكل كبير في رفع الأسعار والتأثير سلباً في ميزانية الأسرة والفرد، كما أن الاختيار من بين البدائل المتاحة للسلع الضرورية والأساسية، سيساعد إلى حد كبير على المحافظة على مستويات أسعار معقولة ومقبولة لتلك السلع في الأسواق، ما يساعد على القضاء على التضخم وعدم الضغط على ميزانية الأسرة والفرد، والله من وراء القصد.