قمة الحسم

قمة مجلس التعاون الـ 30 المنعقدة في دولة الكويت ليست هي القمة الأولى التي تعقد في مثل هذه الظروف الاستثنائية وإنما كانت جميع القمم السابقة تعقد في مثل هذه الأجواء المتوترة والمشحونة على الدوام لما لهذه المنطقة من خصوصية ومن أهمية عالمية كانت سبباً رئيساً في تشكل هذا المجلس في أيار (مايو) عام 1981م حينما اقتضت الضرورة وأيضاً المتغيرات الدولية وجود مثل هذه المنظومة لتسيير شؤون الحياة في جميع المجالات في الدول الأعضاء.
كان ظرف التأسيس على الرغم من أهمية تلك الخطوة وقدمها هي الحرب العراقية ـ الإيرانية التي كانت قد اندلعت قبل أشهر بسيطة . فالظرف الاستثنائي آن ذاك كان حرباً تستعر على أبواب الخليج العربي. واليوم، وبعد كل تلك السنين، نجد أن ظرفاً مشابهاً يبحث في القمة الـ 30 بسبب وجود حرب على باب آخر من أبواب الخليج تستمد وقودها من المصدر نفسه الذي كانت الحرب السابقة تتغذى عليه . فالحرب الدائرة في اليمن والتي كشر فيها الحوثيون عن أنيابهم وكشفوا عن نواياهم عندما استهدفوا المملكة العربية السعودية لا يمكن فصلها عن كل المخاطر التي كانت ولا تزال تستهدف هذا المجلس ودوله سواء كانت تلك المخاطر تتمثل في الحرب المباشرة أو غير المباشرة من مثل التهديد بإغلاق الخليج أو إغراقه أو تدميره .
هذه الحرب الجديدة هي واحدة من سلسلة الحروب المعلنة أو غير المعلنة التي يخوضها المتربصون بالمجلس من أجل تعطيل مسيرته والنيل من طموحه وإشغاله بمزيد من المشاكل كي لا يلتفت للأهداف الأخرى التي يتطلع لها أبناء الدول الأعضاء سواءً كانت تلك الطموحات اقتصادية أو اجتماعية أو تنموية .
أعتقد أن المجلس الذي استطاع أن يصمد طوال السنوات الثلاثين الماضية على الرغم من كل الصعاب التي واجهته ، قادر على أن يبرهن لشعوب المنطقة وللعالم أجمع أنه يستطيع أن يرد على كل التهديدات التي تواجهه لأنه يعد أقدم عمراً من كل الأنظمة الأخرى في المنطقة وأكبر مساحةً منها وأقوى اقتصاداً وأطول باعاً في مجال الاتصال بالعالم الخارجي.
ما يحتاج إليه المجلس اليوم هو أن يكون أكثر عزماً وحزماً تجاه القضايا المعلقة من مثل الجزر الإماراتية والحرب الحوثية والمفاعلات النووية الإيرانية . فكل تلك القضايا يستطيع المجلس أن يقول فيها القول الفصل على اعتبار أنه لا تعاون ولا تهاون مع من يحتل جزرنا ويهدد أمننا ويهاجم حدودنا ويزرع بين ظهرانينا خلاياه النائمة ويقيم بالقرب من بحرنا مفاعلاته غير الآمنة والتي لم نسمع أنه هدد بها سوانا .
فلتكن قمة الكويت باباً لحسم القضايا المعلقة ومفتاحاً للدخول إلى المنظومة بشكلها الشمولي التي تتوحد فيه كل الألوان ويصبح للمجلس قيادة مشتركة تتحرك باسمه في الميادين كافة لأن العالم اليوم يتجه نحو التكتل والحديث بصوت واحد ومواجهة القوة بقوة أكبر منها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي