الإسكان دائماً ضمن اهتمامات خادم الحرمين الشريفين
في زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الأخيرة لتفقد القوات المسلحة ميدانياً في منطقة جيزان؛ أمر - رعاه الله - بإنشاء عشرة آلاف وحدة سكنية لأبنائه المواطنين النازحين إلى مراكز الإيواء في المنطقة، وقد قضى التوجيه الكريم بأن يتم الانتهاء منها - إن شاء الله – وتأسيسها وتسليمها لمستحقيها بشكل عاجل جداً، ووجه أيضاً بأن تكون الوحدات السكنية مشمولة بتوفير جميع المرافق من مساجد ومراكز صحية ومدارس وغيرها.
وخادم الحرمين الشريفين قد عوَّد المواطنين دائماً تلمسَ حاجاتهم، والعمل على تحسين أوضاعهم باستمرار في جميع الجوانب الحياتية، فعناية ملك الإنسانية بتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للمواطن وللأسرة السعودية واضحة بشكل جلي، فقد عني باستراتيجية مكافحة الفقر وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، وحرص ضمن ذلك على التوجيه بتوفير الإسكان الملائم لهم من خلال جميع القنوات الحكومية والخاصة. فقد أنشأ مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز لوالديه للإسكان التنموي؛ للمساهمة في توفير المساكن للأسر الأكثر حاجة، وخصص عشرة بلايين ريال من فائض الميزانية لبناء المساكن الشعبية للمواطنين، وزاد رأسمال صندوق التنمية العقارية لتوسيع دائرة إقراض المواطنين وتسريعها، ووافق على الهيئة العامة للإسكان وعلى تنظيمها للعمل على تمكين المواطنين من الحصول على المسكن الملائم، - وأخيراً وليس آخراً - أمر ببناء عشرة آلاف وحدة سكنية مشمولة بتوفير جميع المرافق في منطقة جيزان. إن عناية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتوفير السكن الملائم للمواطنين منطلقة من كون المسكن لا يوفر السكن فقط للأسرة السعودية ولكنه يمنحها السكينة والاستقرار النفسي والرفاه الاقتصادي والاجتماعي.
إن الأمر الملكي الكريم يفتح المجال لتطوير إسكان شامل بخصائص إيجابية متعددة، فهو يمنح الفرصة لطرح نماذج إسكانية متميزة بتصميمها العمراني والمعماري المنسجم مع البيئة المحيطة، والمتوافق مع متطلبات السكان الاجتماعية والاقتصادية، وتقديم تقنيات بناء جديدة تعمل على رفع جودة الأحياء والمساكن، وسرعة التنفيذ، وخفض التكلفة، وبناء تجمعات سكنية صحية ومستدامة، تحد من التلوث، وتستفيد من الطاقة المتجددة، وتخفض استهلاك الطاقة الكهربائية والمياه. ويسرني، بمناسبة التوجيه الملكي الكريم أن، أعرض فيما يلي بعض الأفكار لتنفيذ العشرة آلاف وحدة سكنية، علها تساهم في إحداث نقلة نوعية في مجال الإسكان بالمملكة:
* العناية بتصميم المساكن التي تحقق جميع المتطلبات النفسية والاجتماعية والاقتصادية للأسر المستهدفة، والعمل على تلمس احتياجاتهم ورغباتهم وطموحاتهم الآنية والمستقبلية في جميع مراحل التصميم المعماري للوحدات السكنية والتصميم العمراني للمجاورات السكنية، بل إن دعوة السكان المستهدفين بتلك الوحدات للمشاركة في طرح الأفكار التصميمية ومناقشتها وتطويرها؛ تعد من الأساليب الإيجابية لضمان نجاحها.
* العناية بأسلوب التطوير الشامل لجعل المجاورات السكنية تتمتع بمحيط عمراني منسق وجميل، ومنح سكانها كثيراً من الفراغات والعناصر المشتركة التي تفي باحتياجاتهم (مثل: مراكز الأحياء الاجتماعية، وصالات الحفلات أو المناسبات، وملاعب الأطفال، والمسابح، والحدائق، وغيرها من الخدمات الترفيهية) إضافة إلى مرافق البنية التحتية ومباني الخدمات الأساسية (مثل: المساجد، والمدارس، والمراكز الصحية، وغيرها)، وتطويرها ضمن مناطق خارجية مشتركة تجعل البيئة السكنية جيدة ومريحة، وتسمح ببناء مساكن صغيرة بمساحة تفي بالاحتياج المعيشي اليومي للأسرة، وهو ما سيبعث كذلك على روح التعايش الجماعي بين السكان، وتقوية العلاقات الاجتماعية الحميمة بينهم؛ ضمن بيئة سكنية تحقق التكافؤ، وتدعم المساندة الاجتماعية.
* العناية بمبدأ التطوير بالجملة لضمان إكمال التطوير في وقت أقصر وبتكلفة أقل؛ لأن تصنيع وإنتاج كميات كبيرة من المكونات يجعلها منخفضة التكلفة، ويفتح المجال إلى جلب تقنيات بناء ومواد أكثر ملاءمة وتوطينها في المنطقة، ويحد أيضاً من سوء التناسق بين مجموع المساكن، ويعمل على تعزيز المظهر الجمالي من خلال تصاميم ومخططات تحقق الوحدة في إطار التنوع والتكامل في الاختلاف، بشرط تجنب التكرار والرتابة في أشكال الوحدات السكنية أو طريقة تنسيق الفراغات العمرانية القائمة بينها. ويمكن تحقيق ذلك بتوفير مجموعة من الإضافات التكميلية الملبية لرغبات الأسر، ومنحهم الفرصة الكاملة للاختيار بحسب أذواقهم.
* العمل على إيجاد التوازن عند تصميم المجاورات السكنية، بين ما توفره البيئة من موارد وإمكانات، وبين احتياجات السكان وأنشطتهم الحياتية؛ لتجنب التلوث البيئي والإخلال بالتوازن الأيكولوجي. وتبنِّي النماذج العمرانية التي تشجع السكان على المشي وعدم استخدام السيارة؛ لخفض مستوى تلوث الهواء ومستوى الضجيج داخل المنطقة السكنية. والعناية أيضاً بالتشجير، والتوسع في إنشاء الحدائق، وإقامة مصدات الرياح للحد من تأثير العواصف الترابية في الصحة العامة للسكان. كما أن العناية بترشيد استهلاك المياه وإعادة تدويرها واستخدامها سيسهم في تخفيف المشاكل البيئة والصحية. وسيؤدي توفير الطاقة الكهربائية بشكل دائم ومستمر من مصادرها المتجددة إلى إيجاد بيئة مستدامة. وستؤدي العناية بتوفير أماكن مجهزة لحاويات جمع النفايات بعد فرزها إلى الحد من التلوث من خلال تدويرها والاستفادة منها.