القرصنة الاقتصادية!

هذا كتاب مهم .. بل من أهم الكتب التي قرأتها أخيراً .. موضوعه القرصنة الاقتصادية وكيف تخصصت شركات كبرى عالمية في السطو على الأمم الفقيرة أو النامية .. وهذه الشركات الكبرى فيها متخصصون على أعلى مستوى في السياسة .. والاقتصاد والاجتماع .. ومهمتهم التي يتقاضون عليها الألوف وربما الملايين هي دراسة حال دولة ما فقيرة أو نامية دراسة سياسية اقتصادية اجتماعية .. ويعرفون مواطن القوة والضعف في هذه الدول .. ثم ينقضون على هذه الدولة في شكل ملائكة الرحمة .. وكيف لا وهم قادمون ومعهم ملايين بل بلايين الدولارات في شكل قروض .. وهم باعتبارهم قد درسوا أحوال هذا البلد يعرضون عليها مشاريع تنموية هائلة .. ومن أين الأموال؟ من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي .. وسرعان ما توقع العقود التي تشترط استيراد التكنولوجيا اللازمة للمشاريع من دولة محددة هي في الأغلب «الولايات المتحدة الأمريكية» .. والتمويل يتم في شكل قروض قصيرة أو طويلة الأجل .. وهي قروض مجحفة من ناحية، ومن ناحية أخرى تكون أسعار التكنولوجيا رهيبة .. وليس هناك فرار من العقود .. ومن أسعار التكنولوجيا وإلا ألغي القرض وضاعت فرصة التقدم والتحضر والتمدين على الدولة الفقيرة المسكينة .. وهنا تحصل الشركات الكبرى العارضة التي عقدت الاتفاقات واشترت التكنولوجيا على عمولاتها كاملة من أول دفعة تقدمها الدولة المقرضة للدولة المقترضة .. وهي عمولات بالملايين .. وتقع الدول الفقيرة أو النامية في براثن جهة التمويل فترهن ثرواتها الطبيعية لهذه الجهة التي تمتص دماءها إلى آخر قطرة.
إنها عملية قرصنة كما كان القراصنة في القرن الثامن عشر .. والتاسع عشر يغيرون على السفن وعلى المدن الساحلية لنهب ثرواتها .. وكما يحدث الآن على سواحل «الصومال». وقد صدر الكتاب تحت عنوان «الاغتيال الاقتصادي للأمم» أو اعترافات قرصان اقتصادي .. فمؤلفه «جون بركنز» كان أحد عملاء الشركات القاتلة وعندما استيقظ ضميره قرر أن يكشف للعالم هذا العالم المرعب .. عالم تدمير الأمم بواسطة القرصنة الاقتصادية، حيث عمليات الاغتيال والقتل والسرقة لرؤساء وموظفين كبار حاولوا الوقوف في وجه القرصنة .. وقد ضرب المؤلف مثلاً أو أمثلة لما حدث لدول مثل «إيران» و»فنزويلا» و»الإكوادور»، (التي اغتيل رئيسها) وبلدان أخرى. لقد حاولت شركات القراصنة منع المؤلف من نشر كتابه المثير .. وعرضوا عليه الأموال الطائلة، وعرضوه هو وأسرته للقتل ولكنه صمد وأصدر كتابه المثير والفاجع .. وما أقل من يصمد في وجه الإغراء بالمال أو التهديد بالقتل.
ولأهمية الكتاب قد أعود إليه مرة ومرات أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي