الاقتصاد والقضاء والقانون في حج عام 1430هـ

بحمد الله وتوفيقه أتم الحجاج مناسكهم بيسر وسهولة وأمن وطمأنينة من دون أي حوادث تذكر، ونفذت الأجهزة الحكومية الخطط الموضوعة لسلامة وأمن الحجاج وتنظيم سيرهم بين المشاعر المقدسة بكفاءة عالية، وأعلن الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية نجاح موسم حج هذا العام وخلوه من أي وباء. ولا شك أن المشاريع الضخمة التي نفذتها الدولة في المشاعر المقدسة مثل جسر الجمرات ساهمت مساهمة فاعلة وكبيرة في نجاح موسم هذا العام 1430هـ. ومن خلال قراءة بعض الصحف المحلية خلال هذا الموسم رصدت بإيجاز أبرز المعلومات الواردة في التقارير الصحافية المتعلقة بالمجالات الاقتصادية، الأمنية القضائية والقانونية، وأسردها هنا على النحو التالي:
أولاً: في المجال الاقتصادي:
1 ـ في برقيته المرفوعة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتاريخ 8/12/1430هـ الموافق 25/11/2009، أوضح الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا أن عدد الحجاج القادمين من الخارج لحج هذا العام 1430هـ بلغ 1.612.965 حاجاً عدد الذكور منهم 889.332 يمثلون نسبة 55 في المائة وعدد الإناث 724.633 يمثلن نسبة 45 في المائة، وأن عدد الحجاج القادمين لهذا العام نقص عن العام الماضي 118.989 حاجاً بنسبة قدرها 7 في المائة تقريباً, وكان دخول حجاج هذا العام على النحو التالي:
عن طريق الجو 1.478.307 حجاج
عن طريق البر 110.942 حاجاً
عن طريق البحر 24.716 حاجاً
ويمثل حجاج هذا العام 183 جنسية من مختلف أقطار العالم.
2 ـ قدر إجمالي عدد الحجاج من داخل المملكة وخارجها بمليونين وخمسمائة وواحد وخمسين ألف حاج.
وكشف أمير منطقة مكة المكرمة أن 763 ألف حاج غير نظامي تمكنوا من أداء مناسك الحج هذا العام.
3 ـ أدى الخوف من انتشار مرض إنفلونزا الخنازير إلى تراجع إقبال حجاج الداخل بنحو 50 في المائة، على الرغم من قيام حملات حجاج الداخل بخفض أسعار الحج قياساً بالعام الماضي.
4 ـ قدر بعض الاقتصاديين المتخصصين في شؤون الحج والعمرة حجم النقد الداخل إلى السعودية خلال موسم حج عام 1430 بنحو 18 مليار ريال (4.8 مليار دولار أمريكي) من مختلف العملات الأجنبية, يشكل الدولار الأمريكي منها ما لا يقل عن 50 في المائة.
5 ـ بلغ إجمالي عدد المحال التجارية في العاصمة المقدسة نحو 33 ألف محل تجاري وغذائي منها 2590 بقالة و1245 محل وجبات خفيفة و400 محل جزارة ودواجن وأسماك و669 مطعماً و408 مخابز وأفران، 287 مركز تسويق و198 مطبخاً وأكثر من 18 ألف محل تجاري، إضافة إلى عديد من مصانع تعبئة ومحطات المياه ومحال الحلاقة والصيدليات. وصرح وزير التجارة والصناعة بأن عدد التراخيص الممنوحة للمحال التجارية في مشعر منى بلغ (350) ترخيصاً ومشعر عرفات (98) ترخيصاً ومشعر مزدلفة (93) ترخيصاً، لافتاً إلى أن عدد البرادات سعة (40) قدماً المحملة بالسلع الغذائية التي دخلت المشاعر المقدسة بلغ (48) برادة. كما أن عدد السيارات الجائلة المحملة بالسلع الغذائية التي حصلت على تراخيص العمل في المشاعر المقدسة خلال موسم حج هذا العام بلغت (1500) سيارة.
كما قدر بعض المتخصصين متوسط صرف الحاج الواحد بنحو (11.2) ألف ريال أي ما يعادل ثلاثة آلاف دولار.
6 ـ وكما يحدث في كل موسم حج، خرق عدد من الحجاج القادمين من خارج السعودية القانون السعودي باستغلالهم موسم الحج للتجارة وبيع السلع التي جلبوها معهم من بلدانهم, إلى جانب أدائهم مناسك الحج، حيث شهدت مختلف ساحات المشاعر المقدسة أعداداً كبيرة من بسطات الحجاج التي اصطف حولها حجاج متسوقون.
7 ـ جرياً على العادة السنوية استبدلت يوم الخميس 9/12/1430هـ كسوة الكعبة المشرفة القديمة بالكسوة الجديدة, وهي عبارة عن ثوب جديد تمت صناعته من الحرير الطبيعي الخالص بمصنع كسوة الكعبة المشرفة، وبلغت التكلفة الإجمالية لهذا الثوب 20 مليون ريال أي ما يزيد على خمسة ملايين دولار أمريكي.
8 ـ عززت شركات نقل الحجاج أسطولها بعدد 320 حافلة جديدة لنقل الحجاج، وبذلك ارتفع إجمالي عدد الحافلات هذا الموسم إلى 20 ألف حافلة تملكها 16 شركة نقل منضمة لعضوية النقابة العامة للسيارات.
9 ـ طبقاً لرأي بعض المتخصصين في اقتصاديات الحج فإن موسم الحج يقدم أكثر من 100 ألف وظيفة موسمية, منها 30 ألف وظيفة في قطاع النقل، وتسبب تدني الأجور خلال موسم هذا العام في عزوف بعض الشباب السعوديين عن العمل في هذه الوظائف وتفضيلهم قضاء إجازة العيد عن تقاضي أجور منخفضة, وأن أكثر الوظائف مشقة هي تلك المتعلقة بأمن المخيمات، حيث تنخفض فيها الأجور إلى 1200 ريال. وقدر عدد السعوديين المنخرطين في وظائف خدماتية متنوعة خلال هذا الموسم بنحو 4400 شاب وشابة.
10 - قدرت بعض الجهات الاقتصادية المداخيل المالية لأهل مكة المكرمة من أنشطتهم التجارية والخدماتية في موسم الحج بنحو 20 مليار ريال.
11 - دخل جسر الجمرات العملاق الخدمة بكامل طاقته بعد الانتهاء من تشييده هذا العام، ويعد هذا المشروع درة المشاريع التطويرية التي نفذتها الدولة، وبلغت تكلفته الإجمالية أربعة آلاف وأربعمائة مليون ريال. ويبلغ طول الجسر 950 متراً وعرضه 80 متراً ويتكون من خمسة أدوار صمم على أن تكون أساسات الجسر قادرة على تحمل 12 طابقاً وخمسة ملايين حاج في المستقبل إذا دعت الحاجة لذلك. ويبلغ ارتفاع الدور الواحد اثني عشر متراً ويشمل المشروع ثلاثة أنفاق وأعمالا إنشائية مع إمكانية التطوير المستقبلي. ويستوعب الجسر 300 ألف حاج في الساعة وقد أنهى هذا الجسر مشكلة حالات التدافع الشديد في منطقة الجمرات نتيجة الزحام, والتي كانت تؤدي في الأعوام السابقة إلى حدوث وفيات بين الحجاج. ويجري العمل حالياً في تنفيذ مشروع قطار المشاعر الذي بدأت مرحلته الأولى، وتقدر التكلفة الإجمالية لهذا المشروع بنحو سبعة مليارات ريال.
12 – من ناحية أخرى أوضح أمين العاصمة المقدسة أن الأمانة تقوم بمتابعة ميدانية دائمة على (51) نفقاً تمت تهيئتها للاستفادة منها خلال حج هذا العام، حيث تسهم هذه الأنفاق بشكل كبير في تسهيل الحركة المرورية، وفك الاختناقات والربط بين الأحياء السكنية والمنطقة المركزية والمشاعر المقدسة وتسهيل حركة التنقل فيما بينها.
13 – بلغت كميات المياه المستهلكة يوم الخميس 9/12/1430هـ 190 ألف متر مكعب في مشعر عرفة و60 ألف متر مكعب في مزدلفة، واستهلك الحجاج في مشعر منى في أيام التشريق (250) ألف متر مكعب من المياه.
ثانياً: في المجال الأمني:
1 ـ جندت الدولة نحو (100) ألف رجل أمن لحماية وتنظيم سير الحجاج في مكة المكرمة وجميع أرجاء المشاعر المقدسة، وخصصت قرابة (1853) كاميرا تلفزيونية لرصد التحركات في المشاعر المقدسة, إلى جانب كاميرات أخرى لرصد الحركة على الطرقات المؤدية إلى مكة المكرمة وكذلك المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام.
2 ـ تمكنت قوات الأمن من ضبط أكثر من (34) ألفا من الراغبين في أداء الحج من دون الحصول على تصاريح رسمية وإعادتهم من منافذ الدخول إلى مكة المكرمة.
ثالثاً: في المجال القضائي والقانوني:
1 ـ قرر المجلس الأعلى للقضاء تخصيص (13) دائرة قضائية للنظر والفصل في قضايا الحجاج في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وجرى تنظيم عملية توزيع الدوائر القضائية في المشاعر المقدسة بالتنسيق مع الأمن العام بعد معرفة حجم العمل في منطقة كل دائرة. وأفاد مصدر أمني أنه تم القبض على (30) شخصاً ارتدوا ملابس الإحرام ومارسوا السرقة والاختلاس والتزوير بمختلف أنواعها، كان أبرزها تزوير الإثباتات الشخصية وتزوير كوبونات الهدي والأضاحي. وأفاد مصدر قضائي أن عدد القضايا متفاوت من عام لآخر، لافتاً إلى أن قضايا النشل هذا العام أقل من العام الماضي، بيد أن هناك تزايدا في قضايا حوادث المرور نتيجة لهطول الأمطار.
2 ـ تم اكتشاف 12 مكتبا وحملة حج وهمية في عدد من مناطق المملكة، حيث عمد ملاك تلك الحملات والمكاتب الوهمية إلى إجراء تعاقدات مع الحجاج دون حصولهم على تراخيص رسمية من وزارة الحج ولا يوجد لديهم مواقع ومخيمات داخل المشاعر المقدسة. وخصصت وزارة الحج أرقاماً هاتفية مجانية للتأكد من أسماء الشركات المسموح لها بالعمل في موسم الحج. وأعلنت وزارة الحج أنها ستطبق العقوبات النظامية على هذه الحملات والمكاتب الوهمية.
3 ـ جدير بالذكر في هذا الصدد أن نظام خدمات حجاج الداخل قرر في مادته التاسعة عشرة تشكيل لجنة أو أكثر بحسب الحاجة من ثلاثة أعضاء من وزارة الداخلية ووزارة الحج ووزارة التجارة للنظر في قضايا مخالفات المرخص لهم لأحكام هذا النظام, وكذلك أناط النظام بهذه اللجنة النظر في القضايا والشكاوى التي تقدم ضد من يقوم بممارسة خدمة الحجاج دون الحصول على الترخيص اللازم وخولها صلاحية التحقيق فيها ورد قيمة الخدمات التي لم يقدمها المخالف أو ما قد يترتب عليها من مساس بأداء مناسك الحج إلى الحجاج، وتقرير معاقبته بغرامة مالية لا تتجاوز مائة ألف ريال، وفي حالة تكرار المخالفة تضاعف الغرامة المقررة لآخر مخالفة على ألا تتجاوز مائتي ألف ريال، ويصادق وزير الحج على قرارات اللجنة. ويجوز لمن صدر بحقه قرار العقوبة التظلم منه لدى ديوان المظالم خلال ستين يوماً من إبلاغه بقرار العقوبة. كما قرر النظام المذكور بأن يحال إلى المحكمة الشرعية المختصة أي اعتراض على قرار اللجنة المتعلق بتحصيل قيمة الخدمات غير المؤداة وما يترتب عليها من مساس بفريضة الحج. كما قرر النظام أيضا إحالة القضايا والشكاوى ضد من يقوم بتحصيل مبالغ من راغبي الحج بقصد الاحتيال والنصب دون تقديم الخدمة لهم إلى المحكمة الشرعية المختصة للنظر في تعزيزه واسترداد تلك المبالغ وردها إلى أصحابها. وقرر النظام أيضا بأن تقوم وزارة الحج بتمثيل الحجاج أمام المحاكم الشرعية المختصة في المطالبات المالية المتعلقة بمخالفات أحكام هذا النظام ما لم يبد الحاج للوزارة رغبته بخلاف ذلك.
وفي الختام نحمد الله تعالى على نجاح موسم حج هذا العام وخلوه من الكوارث والأوبئة. وشكراً جزيلاً لكل مسؤول ورجل أمن وموظف وعامل أدى واجبه ونفذ دوره في خدمة ضيوف الرحمن. وكل عام وبلادنا الغالية والمسلمون في خير وأمن وسلام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي