تكريس الموارد سهّل الحج
الحج هذا العام مرت أيامه الحساسة والحرجة بيسر وسهولة حيث لم تسجل إصابات وبائية أو تسجل حوادث رئيسية.. وهذه النتائج الإيجابية تحققت - والحمد لله من قبل ومن بعد - بفضل الإمكانات الكبيرة التي جندتها الحكومة السعودية سواء كانت الإمكانات البشرية، حيث جندت الحكومة مئات الآلاف من العاملين في مختلف القطاعات، وهذه الموارد البشرية باشر الإشراف عليها عن قرب خادم الحرمين الشريفين، وكبار المسؤولين في حكومته، حيث كانوا في منى قرب العمليات المباشرة في الحج.
في إطار الإمكانات.. كرست الحكومة السعودية منذ سنوات مبالغ طائلة لإنشاء الطرق والمستشفيات ومنها المشروع العملاق، جسر الجمرات، فهذا المشروع كلف آلاف الملايين لأجل خدمة الحجاج لـ (3) أيام فقط، وهذا المشروع مثله عشرات المشاريع التي تنشأ لأجل (أسبوع)، وهذه معضلة للحكومة ولموارد الدولة، ولكن الحكومة والشعب السعودي يتحملان مسؤوليتهما تجاه ضيوف الرحمن.
فبالإضافة إلى المشاريع التي نفذت في السنوات الماضية يجري الآن استكمال مشروع جسر الجمرات بتكلفة (4400) أربعة آلاف وأربعمائة مليون ريال، أيضا قطار المشاعر بدأت مرحلته الأولى وبعد الانتهاء ستصل التكلفة إلى حدود (7) مليارات ريال، وهذا المشروع ورغم هذا الاستثمار الضخم سيكون مستخدما بطاقته القصوى لأيام معدودة.
أيضا يجري إنفاق ما يقارب المليار ريال لمشاريع تصريف السيول في عرفات، وهناك مشروع ترقيم المشاعر بتكلفة 44 مليون ريال وإنشاء طرق التردد بين المشاعر بتكلفة تصل إلى (500) مليون ريال.
وهناك ما هو أهم.. أي مشروع توسعة ونزع العقارات لصالح توسعة الحرم الشريف في الجهة الشمالية، وهذا سيكلف (30) مليار ريال، وهناك التكلفة الأخرى المضافة لتوسعة المسعى، وتوسعة المطاف الذي سيعلن بعد الحج.
كذلك هناك مشروع البناء على سفوح الجبال في منى، وانتهت المرحلة الأولى بتكلفة (250) مليون ريال، وفي المجال الصحي دشن خادم الحرمين الشريفين أمس الأول المرحلة الأولى لمدينة الملك عبد الله الطبية، وهذه المدينة ستصل تكلفتها الإجمالية إلى (700) مليون ريال، إضافة إلى إحلال مستشفى منى الوادي الذي تم الانتهاء منه خلال عشرة أشهر بتكلفة 65 مليون ريال.
هذه تكاليف في الأصول الثابتة وأغلبها لن يستثمر إلا في أيام الحج، وهذه المبالغ الكبيرة تحتاج إليها التنمية في المملكة في مجالات حيوية مثل الصحة والإسكان والتعليم، ولكن كما ذكرت، السعودية حكومة وشعبا، يدعمان توسع الإنفاق في المشاعر حتى لو كانت الاستثمارات ليس لها العائد المجزي على الاقتصاد الكلي، وهذا التوجه جزء من منهج الدولة.
والملك عبد العزيز - رحمه الله - ألغى الرسوم التي كان يدفعها الحجاج رغم شح موارد الدولة حينئذ، لذا نهج الدولة قائم ومستمر والملك عبد الله يحضّر لنقلات تاريخية في مكة المكرمة، ستجعل العاصمة المقدسة من حواضر المدن الإسلامية، وستجعل زيارة الأماكن المقدسة رحلة إيمانية ممتعة ومريحة.