مصر والجزائر ولقاء آخر
لا تخلو الحياة عادة من منغصات ولا يمكن أن يعيش الإنسان في صفاء وهناء دائم فلا بد أن يشوب الحياة بعض الشوائب، وكثيراً ما يختلف الإنسان مع الآخرين بل كثيراً ما يختلف الأشقاء مع بعضهم بعضا بل أحياناً يختلف الإنسان مع نفسه فتجده يفكر في شيء وقلبه يرغب في شيء آخر فالاختلاف سنة الحياة.
وكثيراً ما نسمع عن خلاف الأشقاء وما نلبث أن نسمع عن عودتهم لبعضهم بعضا في أسرة واحدة وهذا أمر طبيعي ، وما حدث بين الشقيقتين مصر والجزائر لا يعد أكثر من خلاف بين بلدين عربيين إسلاميين شقيقين، فيجب ألا يتم تضخيم الموضوع أكثر من ذلك بل يجب ألا يتم إعطاء الموضوع أكبر مما يستحق مهما تم تصعيده إعلامياً وسياسياً وعلى المستوى المحلي لكلا البلدين ففي نهاية المطاف نحن نعلم أن المصير العربي والإسلامي هو مصير واحد.
وتأكيداً لهذا الأمر فهناك لقاء آخر سيتم خلال هذه الأيام بين البلدين لقاءً سيجمعهما في أرض واحدة وتحت سماء واحدة، وفي وقت واحد وسيلبس فيه أفراد الشقيقتين لباساً واحداً، ويهتفون هتافاً واحداً ، في جمع واحد ، في موقف يباهي الله عز وجل به ملائكته وفي بقعة من أطهر بقاع هذه الأرض فما أجمله من لقاء.
سيلتقي البلدان في هذا المكان مؤكدين لكل العالم أن ما كان من خلاف إنما كان سببه الشيطان ساهم في التحريش بينهما وهم يجتمعون اليوم ليؤكدوا أنهم سيقفون معاً ضده بل يرجمونه معا بصفعة واحدة وفي مكان واحد وبهيئة واحدة.
غدا سيكون موعد جميل ليس فقط للمصريين والجزائريين بل لكل المسلمين من أنحاء العالم كافة، سيكون موعدا للتآخي والتراحم، موعدا لتأكيد وحدة الصف والمصير، موعدا سيبكي فيه الجميع طلبا لرحمة المولى وابتغاء مرضاته، موعدا سينزل المولى فيه للسماء الدنيا ويشهد فيه ملائكته بأنه غفر لمن جاء إليه في عرفة.
ما أجمله من شعور وما أروعه من مشهد سيبقى عالقا في أذهان الجميع حتى إذا ما حاول الشيطان أن يفرق مرة أخرى تذكرنا جميعا أننا وقفنا صفا واحدا وتعاهدنا أن ننبذ خلفنا خلافاتنا وأن نتجه لربنا ليغفر لنا ما كان ويعفو عنا ويوحد صفنا وينصرنا على أعدائنا.
إن يوم غد يوم عظيم فيه فرصة كبيرة يجب أن يعمل الجميع على المستويات كافة سواء كانت دولاً أو جماعات أو أحزابا أو عائلات أو أفرادا على الاستفادة منها فيقومون بمسامحة غيرهم والعفو عمن ظلمهم وفتح صفحة جديدة في يوم جديد يغفر الله فيه لمن حضر عرفة ويغفر لمن لم يحضر إن صام عرفة ، فما أجمل هذا الفضل.
إن يوم عرفة يوم وحدة للمسلمين ويوم اتحاد فيجب علينا أن نستفيد من هذا اليوم ونلتقي على الخير وعلى الود وعلى المحبة وأن نجعل هذا اليوم نقطة تحول لنرتقي بمستوى تعاملنا مع غيرنا لأفضل مستوى، وأن نعاهد أنفسنا في هذا اليوم أن نبقي علاقاتنا بإخواننا في أفضل حال وألا ندع للشيطان مجالاً لينزغ بيننا.