الإسكان ودعم الطاقة .. لن نمل!
توجيه الإنفاق الحكومي إلى مجالات حيوية للاستقرار الاجتماعي، مثل الإسكان، سيكون موضوعنا الدائم الذي لن نمل طرقه والتأكيد عليه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وما نتطلع إليه هو المساعدة على تعزيز القناعات حول خطورة الوضع القائم، فالإسكان و(حلم) الناس بالمسكن سيظل أبرز التحديات التي تواجه الحكومة السعودية، ونحن مثل كثيرين لدينا القناعة أن الدولة والمجتمع لديهما كامل الإمكانات والموارد لتحويل الإسكان من مشكلة للناس، إلى أداة حكومية لحفز الاقتصاد وتسريع النشاط التجاري وفتح فرص عمل للناس.
هي مشكلة ليست عصية على الحل .. نعم هي كذلك، وانظروا إلى الحقائق المحيطة بموضوع مهم جدا نعود إلى إثارته اليوم (ولن نمل ذلك)، وهو ما يتعلق بالتداعيات السلبية لاستمرار دعم الدولة لأسعار منتجات الوقود (بالذات البنزين) وهذا الدعم يكلف موارد الدولة ما يقارب 30 مليار ريال سنويا، هذا غير التكلفة الاقتصادية لاستيراد ما يقارب 40 ألف برميل يوميا من البنزين. هذه الموارد المالية التي تنازلت عنها الدولة مستهدفة دعم أصحاب الدخول البسيطة والمتوسطة.. هل هذا الدعم غيّر في حياتهم، أو أثر في وضعهم بشكل جذري!
كلكم ستقولون بالصوت الواحد: لا! إن مثل هذه المبالغ لو وجهت مباشرة وسنويا إلى صندوق التنمية العقارية أو وجهت إلى أي برنامج لدعم مشاريع الإسكان، مثل تطوير مخططات المنح السكنية. ماذا سيكون التأثير المباشر في حياة الناس؟ إنكم تعرفون ذلك.. تعرفون كيف سيكون الأثر في إجمالي النشاط الاقتصادي، وهذه القناعات لم تعد قناعات النخبة المطلعة على دقائق الأمور.
من حسن الحظ أن الناس (بسيطة ومتوسطة الدخل) بدأت تدرك أن خفض فاتورة البنزين (على سبيل المثال) لم يؤد إلى تغيير في حياتها، والناس بدأت تدرك أن المستفيد الأكبر هم أناس غيرهم .. فسحابة الدعم لم يأتهم خراجها بما يغير حياتهم، ومن تناقشهم في هذا الموضوع لا يخفون تحفظاتهم على جدوى خفض الأسعار، وهذا تطور نوعي إيجابي لارتفاع وعي الناس وإدراكها الحقائق على أرض الواقع.
هذه القناعات .. هل يتم استثمارها لمراجعة الوضع القائم؟ فاستمرار الدعم بهذا الشكل له آثاره السلبية التي سوف نبرزها اليوم وفي الأيام المقبلة.. وما تتجه إليه أغلبية الآراء المختصة والخبيرة التي ترى أن مصلحة الناس ليست في استمرار الأسعار بهذه المعدلات السلبية على الاقتصاد والمجتمع.. بل مصلحتها في إعادة الأسعار إلى وضعها السابق، على أن يتم توجيه الإيرادات المترتبة على ذلك وهي في حدود (30 مليار ريال سنويا) إلى حساب مستقل يوجه لتنمية برامج الإسكان في المملكة.