التعاونيات السكنية
ما هي التعاونيات السكنية؟ إنها مجمعات سكنية تمنح المشاركين فيها فرصة العيش في بيئة سكنية مميزة، والمشاركة بفاعلية في تصميمها واستخدامها وإدارتها. وعادة ما ينطلق تأسيس التعاونيات من رغبة مجموعة من الأسر - ذات الخصائص الاجتماعية أو الثقافية أو المهنية المتماثلة - في التعاون مع بعضهم لإيجاد بيئة سكنية أفضل والعيش فيها. كما أن بناء المجمعات السكنية التعاونية يمنح السكان إيجابية متعددة (مثل: سهولة توفير التمويل وتقديم الضمانات، والحصول على أسعار مخفضة لتنفيذ المجمع بجودة أفضل مقارنة بسعر التنفيذ الفردي لكل مسكن على حدة، مع توفير طيف واسع من المرافق والخدمات الترفيهية والاجتماعية المشتركة لجميع سكان المجمع، والمشاركة في تكاليف تشغيلها وصيانتها، وأخيراً التحكم في جودة البيئة السكنية وأمنِها وطريقة إدارتها).
وأول ما ظهرت التعاونيات السكنية في أوروبا، وانتقلت فكرتها بعد ذلك بأساليب متنوعة إلى بقية دول العالم. وإن كانت التعاونيات السكنية غير موجودة لدينا في المملكة العربية السعودية؛ إلا أن أقرب مثال لها هو المجمعات السكنية العائلية، التي يبنيها عادة المقتدرون لأسرهم ولأسر أبنائهم أو إخوانهم على مساحة كبيرة من الأرض، تغطي في الغالب بلكا سكنيا كاملا أو أكثر، أو قد يتعاون عدد من الإخوان أو الأقارب على شراء مجموعة من قطع الأراضي المتجاورة والبناء عليها على شكل مجمع سكني عائلي خاص. وتوجد في الكثير من المجمعات السكنية العائلية خدمات ومرافق ترفيهية واجتماعية مشتركة للجميع (مثل: المسبح، صالة الألعاب، الديوانية أو الديوانيات، الحدائق، المسطحات الخضراء، ملعب الأطفال، وغيرها من العناصر المشتركة)، التي يستطيع الجميع الوصول إليها من داخل المجمع والاستمتاع بها، بينما تتولى العناية بهذه العناصر وتشغيلها وصيانتها عمالة متخصصة.
كم أن فكرة التعاونيات السكنية صالحة للتطبيق بين الأسر التي تجمعها روابط الصداقة والألفة أو أي روابط اجتماعية أو ثقافية أخرى، فالمجمعات التعاونية توفر بيئة سكنية مميزة ومتكاملة الخدمات، بتكلفة وجهد أقل من توفيرها في كل مسكن، كما أنها تمنح الأسرة فرصة العيش مع مجموعة اجتماعية متجانسة تشيع بينها الألفة والثقة المتبادلة، وبذلك تحصل الأسر المشاركة على الكثير من الإيجابيات. إن بناء التعاونيات على شكل مجموعة من المساكن المستقلة التي توفر الخصوصية الكاملة لكل أسرة، وتفتح مباشرة على فناء أو رواق داخلي مفتوح بصفته فراغاً مشتركاً منسقاً بالأشجار والمسطحات الخضراء التي تتخللها الأرصفة والممرات الآمنة والمناسبة لمزاولة رياضة المشي والهرولة، ولعب الأطفال بالدراجات؛ يمنح الجميع بيئة آمنة، تنمي علاقاتهم الاجتماعية، في جو يسوده اطمئنان الجميع على سلامة الأطفال والصغار بعيداً عن خطر السيارات ورفاق السوء في الخارج. ويمكن أن تحيط بالفراغ المفتوح بقية العناصر الترفيهية والاجتماعية المشتركة (مثل: النادي أو الديوانيات، الصالة الرياضية، ملعب الأطفال، المسبح، وغيرها). ويمكن توظيف شخص أو شخصين فقط يتوليان أعمال نظافة المناطق المشتركة وزراعتها والقيام بأعمال التشغيل اليومي والصيانة الدورية الكهربائية والصحية البسيطة، على أن ينشئ المتعاونون صندوقاً مشتركاً يدعم بمبلغ شهري ثابت للصرف على تكاليف الصيانة والتشغيل ورواتب العمال. كما أن العلاقات الجيدة بين الأسر المشاركة في «التعاونية» ستمكنهم من الاستعانة بعدد أقل من العمالة المنزلية والسائقين والمشاركة في رواتبهم والاستفادة من خدماتهم. ولكن النقطة الأهم أن الأسر المشاركة ستستمتع بخدمات راقية وبتكلفة أقل، كما أنها لن تضطر إلى توفير جميع العناصر داخل المسكن، وهو ما سيعمل على خفض مساحة المسكن وتكلفة تنفيذه والعناية به إلى النصف أو أكثر.