هدايا شكاوى العملاء

البعض ينظر إلى العملاء الذين يقدمون الشكوى على أنهم أعداء وآخرون يعتقدون أنهم حاقدون أو حاسدون متعطشون إلى عرض الأخطاء وتضخيم التقصير ليظهروا العيوب والفشل فما إن يبادر شخص بتقديم شكوى ضد جهة أو مسؤول معين إلاّ وينظر له بأنه مصدر إزعاج وقلق وأنه مخطئ وأن دعواه باطلة وعارية من الصحة.
لقد أصبحت كلمة (شكوى) مصدر توتر لكثير من المسؤولين حيث إنهم لا يعرفون كيف يفصلون بين مضمون الشكوى ومحتواها من جانب وبين شكل الشكوى وأسلوبها من جانب آخر وبشكل عام فإن مفهوم الشكوى هو توقعات العميل التي لم يتم إشباعها فلكل عميل توقعاته الخاصة والشكوى هي إعلان من العميل عن خيبة أمله وعدم تحقيق توقعاته، وللشكوى مفهوم مفيد فالمريض الذي يشتكي من أمر يساعد تشخيص هذه الشكوى على توفير العلاج ومن ثم حل المشكلة.
غير أن تصريح العميل بالشكوى هو دليل أنه لم يفقد الأمل تماماً ولم يغلق الباب ولم ينه العلاقة بل على العكس فإنه يبقي التواصل بينه وبين الجهة التي يتعامل معها ويتيح الفرصة لها لتبدي وجهة نظرها فيما قدمه من شكوى ويتيح لها الفرصة للتوضيح، وللأسف فإن كثيرا من هذه الجهات تضيع هذه الفرصة وترفض الاستماع ومن يستمع يكون قد وضع موقفاً مسبقاً لمثل هذه الشكاوى. وعلى الرغم من أن الشكاوى تمثل مصدر إزعاج لكثيرين إلاً أن معظم المنشآت تحرص على إيجاد قسم لخدمة العملاء محور عمله الأساسي هو استقبال شكاوى العملاء ولكن للأسف فإن كثيرا من هذه الأقسام لا تؤدي الدور المطلوب منها على الرغم من أهميتها وحساسيتها وموقعها الاستراتيجي، إذ إنها قادرة على معالجة كثير من عيوب الخدمة وفي المقابل فإنها إذا لم تقم بدورها المطلوب قادرة على تدمير كل جهود التسويق وقد استفادت شركات عديدة من شكاوى العملاء ومنها شركة (وستنجهاوس)، التي ساهمت الشكاوى المتعلقة بتسلم بضائع معيبة في تغيير نظام التغليف والنقل تغييرا جذريا فكانت من أولى الشركات التي استخدمت الفلين في تغليف الأجهزة المنزلية مما ساهم في تقليل نسبة العيوب إلى 9 في المائة مما انعكس على توفير في تكاليف صيانة ما بعد البيع بنسبة 40 في المائة.
ولا شك أن هناك بعض الشكاوى الكاذبة، وبعض ضعاف النفوس يحرصون على استغلال بعض أوجه القصور لتحقيق أغراض شخصية إلاّ أن الإحصائيات تشير إلى أن نسبة الشكاوى الباطلة لا تزيد على 10 في المائة وعلى هذا الأساس فيجب علينا أن نجعل تعاملنا مع الشكاوى تعاملاً حاداً إذ لا يمكن التشكيك في صحة الشكاوى جميعها من أجل وجود نسبة 10 في المائة قد تكون غير صحيحة، كما أنه من غير المقبول أن نسعى لاختبار كل صاحب شكوى للتأكد من كلامه بل علينا أن نجعل ما في الشكوى من مضمون صحيحاً إلى أن يثبت العكس، بل حتى لو كانت الشكوى كاذبة فيمكن أن نستفيد منها لتجميع المعلومات بحيث يمكن أن نقوم بإجراءات مستقبلاً تمنع بعض العملاء من استغلال نقطة الضعف هذه وتقديم شكوى غير صحيحة.
البعض يقوم بإعداد نظام لإرضاء العملاء وإدارة كاملة لاستقبال الشكاوى ويستقبل فعلاً الشكاوى لكنه لا يتفاعل معها بل يجعلها تتراكم والبعض يتفاعل معها بالكلام فقط دون عمل أو فعل والبعض يتفاعل معها عملياً ولكن بشكل سلبي فيخلق من الشكاوى شكاوى أخرى.
لا شك أن الشكاوى مزعجة وأحياناً تكون مؤلمة لكن فيها تحد وفيها تميز، بعضها يمكن معرفة أسبابه وبعضها غير مرتبط بأسباب وبعضها يأتي من عميل صريح وأحياناً يأتي من عميل كتوم وأحياناً من عميل يرغب في أن يثير المشاكل.
حتى تنجح في علاج المشاكل يجب أن تبدأ بشكر صاحب المشكلة على تقديمه المشكلة وأن تسمع وأن تظهر اهتمامك بالمشكلة كما يجب أن تعتذر وتجاهر بالاعتذار ثم تحدد أسباب الشكوى وتجمع المعلومات اللازمة لها وتضع الحلول المتوافرة وإن لم يكن لديك حل فيجب أن توضح ذلك للعميل مع تأكيد حرصك على أنك تعمل على إيجاد الحل.
الشكاوى هدايا قيمة يجب أن نسعى إلى الاستمتاع بحلها وكشفها وألا نتستر عليها بل نشجع العملاء على تقديمها بكل الوسائل مع حرصنا على ألا تتكرر الشكاوى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي