فوضى اليوم الوطني
في السابق كانت ذكرى اليوم الوطني تمر مرور الكرام دون أن يشعر بها أحد سوى الذين يتابعون الوسائل الإعلامية كالصحف أو القنوات التلفزيونية، حيث يشاهدون البرامج الوطنية والإعلانات الصحافية وغيرها من البرامج التي يعرف المتابع من خلالها أن هذا اليوم هو اليوم الوطني .
واليوم أصبحت هذه المناسبة مناسبة وطنية رسمية تعطل المدارس والجهات الحكومية من أجلها ويتم فيها تذكر الإنجازات التي تحققت على يد مؤسس هذا الكيان الملك عبد العزيز - رحمه الله-، غير أن الفرح والاحتفال بهذه المناسبة اختلف لدى بعض الفئات فلم يجعلوا منها مناسبة وطنية بل جعلوها فرصة لنشر الفوضى والخراب, والمتتبع للأحداث التي وقعت في بعض مدن المملكة يجد أن هناك مجموعات من الشباب قاموا باستغلال هذه المناسبة الوطنية للقيام بأعمال تخريبية مثل تكسير واجهات المحال التجارية والقيام بأعمال نهب وتخريب وإغلاق لعدد من الشوارع ومضايقة العائلات، وقد بلغ عدد المقبوض عليهم في مثل هذه الأحداث في مدينة الخبر فقط أكثر من 130 شاباً ولا تنحصر القضية في مدينة الخبر بل كانت ظاهرة في عدد من مدن المملكة.
ومما يزيد الأمر ألماً أنك تجد أناساً يلتمسون الأعذار لمثل هؤلاء فبعضهم يشير إلى أن هذا من الكبت والبعض يقول الشباب محارب ولا يوجد لديه مكان يذهب إليه لينفس عن نفسه والبعض يقول جميع الأماكن الترفيهية أصبحت للعائلات ولا يوجد مكان للشباب والبعض يقول الشباب مضطهد وغيرها من الأعذار الغريبة والحجج الواهية والأسباب غير المقنعة إطلاقاً والتي تحاول أن تبرر حدثا أعتقد أنه يعد قضية وطنية تحتاج منا إلى وقفة عاجلة وإلى خطة استراتيجية شاملة.
ما حدث مؤشر خطير وواقعة غير عادية فنحن دائماً نقول إننا في بلاد الحرمين وإن مجتمعنا مجتمع محافظ وإن التربية الإسلامية والمساجد والخطب وغيرها من المؤثرات التي تحيط بنا هي سلاحنا أمام ما نواجه من عادات وتقاليد غريبة وشاذة، ومع ذلك نجد مثل هذه التصرفات تصدر من أبنائنا فما هي الأسباب الحقيقية لهذه الأحداث؟ هل هي أن شبابنا أمنوا العقوبة فأساؤوا الأدب؟ أم هي عدم وجود النظام؟ أم عدم الخوف من السلطة؟ أم أن لنا ظاهراً جميلاً وباطناً غير ذلك؟ ما ذنب أصحاب المحال التجارية التي هشمت واجهات محالهم ونهبت ممتلكاتهم؟ وما ذنب العائلات التي واجهت الرعب من خلال هذه التصرفات؟ وما ذنب الآلاف الذين وقفوا في طوابير طويلة لساعات عدة جراء هذه التصرفات العبثية؟ وما ذنب الذين كانوا متجهين إلى المستشفيات في حالات طارئة وغيرها من الظروف العصيبة.
إنها مأساة بكل المقاييس تحتاج منا إلى أن نعيد النظر في الكثير من أساليب حياتنا اليومية سواء بالنسبة لدور الأسرة في التربية أو المناهج الدراسية أو الثقافة الدينية أو الاحترام للنظام أو الروح الوطنية الموجودة لدى شبابنا.
إن اليوم الوطني مناسبة عزيزة على قلوبنا نفتخر بها جميعاً فمنها نستلهم العبر ونستعرض الإنجازات ونفتخر بما تم تحقيقه من نتائج قياسية على جميع الأصعدة ومستويات التنمية، فاليوم الوطني مناسبة لإظهار الفرحة بأننا جميعاً أبناء وطن واحد نعمل من أجل رفعته وازدهاره لا من أجل تخريبه ودماره، وهو مناسبة لتأكيد الروح الوطنية في نفوسنا وتأكيد وحدة وتضامن هذا الشعب مع القيادة وليس لنشر الفساد والدمار لكن التهاون في التعامل مع مثل هذه الظاهرة وعدم محاسبة من قام بها سيؤدي إلى تكرارها وإن كانت الأضرار في هذه المرة شملت الممتلكات فيخشى أن تنتقل في المرة المقبلة لتزهق الأرواح - لا سمح الله - ومن المؤسف أن تحدث مثل هذه الأحداث في يوم مثل هذا عمدت القيادة أن تجعل منه ذكرى خالدة من خلال افتتاح معلم شامخ للعلم والمعرفة على شاطئ البحر الأحمر وليكون مناراً للحكمة والسلام فنجد أنه على بعد كيلومترات بسيطة كانت هناك أيد عابثة تثير الخراب والفوضى والرعب بين الناس.