اليوم الوطني ونماذج وطنية
التميز السعودي في كل المجالات أمر مطلوب ومحمود لأن هذا التميز هو ما تنشده القيادات ويحرص عليه المواطن وتسعى خلفه كل القرارات والإجراءات، ولهذا عندما يبرز التميز بين الأقران السعوديين ذكورا وإناثا، فإنه يسعد القلب ويجعل البهجة بهذا التميز تصل إلى مرحلة الطمأنينة على مستقبل التنمية ورقي الإنسان السعودي، ولكن عندما يأتي التميز من الشباب السعوديين على مستوى العالم وتتسابق جامعات وحكومات العالم المتقدم لإبراز هذا التميز السعودي والإشادة به وتقديمه كنموذج للإنسان العالمي المتميز، فإن الاعتزاز والفخر بهذا التميز لا يوصف ولا يقدر بثمن ويبرز الدور الحقيقي للمواطن السعودي الصالح المنتج المنافس بكل شرف على المستوى العالمي.
اليوم الوطني ذكرى عزيزة نعيش خلاله ذكرى رحلة العناء والمشقة التي بذلها رجال تميزوا بالعزيمة الصادقة والإرادة القوية والرغبة في توحيد أركان هذا البلد الحبيب ليعود قويا متماسكا كما أراد له الأجداد، ولهذا عندما نعيد قراءة تاريخنا السعودي ونتذكر الجهود المباركة للملك عبد العزيز ورجاله ـ رحمهم الله جميعا - ممن عملوا على توحيد المملكة وتحقيق تكاملها وترابطها في وقت كان شيء فيه شبه معدوم، وما وصلت إليه اليوم من تقدم ورقي بفضل إيمان الأبناء برسالة وجهد الآباء والأجداد، هذا الازدهار التنموي الذي نعيشه اليوم بحمد الله ـ سبحانه وتعالى ـ على ما نحن فيه من نعمة لا تحصى ولا تعد، سيعرف أن كل ما تطلبه تلك النعمة هو حسن الأداء وحمد وشكر المولى على نعمه. اليوم الوطني وقفة صادقة مع العطاء والإنجاز ومراجعة مرحلة زمنية مضت والاستعداد لمرحلة زمنية مقبلة تتطلب مزيدا من الجهد والعطاء وفقاً لرؤية تنموية صادقة وواضحة المعالم والأهداف والمخرجات، تدرس ما أنجز وتقوم معوجه وتنظر للغد بعين العارف المطلع، وعندما نتحدث عن الإنجاز والعطاء في يومنا الوطني يقف القلم على حجم الإنجاز والعظمة، والتأكيد على أن ما أنجز يحتاج إلى آلاف الصفحات للحديث عنه وإبرازه، وكذلك فإن النفس الطموحة الوثابة المتعلقة بالتميز ترى من الأخطاء والتجاوزات والعبث ما يجب الحديث عنه والإشارة إليه والدعوة لإصلاحه حتى تسير قافلة التميز التنموي نحو الأفضل لبلد لا يقبل أقل من التميز في كل شيء.
ذكرى اليوم الوطني تدفعني للوقوف على بعض الشخصيات الشابة السعودية المتميزة التي برزت خلال الفترة الماضية والتي أشاد بها القاصي والداني في مشارق الأرض ومغاربها، شباب عملوا وقدموا صورة مشرفة عن إنسان السعودية في وقت يحاول فيه الكثير تصيد الأخطاء ضد المملكة ومحاولة إبرازها كدولة متخلفة وراعية للتخلف الفكري وداعمة للإرهاب. هؤلاء الشباب أشادت بهم جامعاتهم وقدمتهم كنماذج للتميز الإنساني في العطاء وخدمة الإنسانية، وعندما نقف على مثل هذه الإنجازات فإننا نحاول أن نستلهم منها نجاح التجربة وتقديم النموذج والقدوة الصالحة لأجيال السعودية بشكل خاص وللأجيال العالمية بشكل عام، هذه النماذج السعودية المتميزة كثيرة ولكن سوف ألقي الضوء على بعض الإنجازات خلال عام 2009م ووفقاً للمساحة التي يسمح بها المقال وأترك لكم البحث والتعريف بالمتميزين الذين لم أستطع أن أذكرهم لضيق المساحة ومن تلك النماذج ما يلي:
1- أول هؤلاء الشباب السعوديين المتميزين هو فهد بن جبريل أبو دية شاب طموح ومخترع مبدع تعرض لحادث سير أفقده بصره وبعض أطرافه ولكنه لم يفقده عزيمة العطاء والتميز، كان لحضوره في منتدى الغد التأثير الإيجابي الكبير على الشباب من الجنسين عندما تحدث معهم عن إعاقته وطموحاته واستمراره في الاختراع.
2 - النموذج السعودي الثاني المتميز هو الدكتور سامي بن عبد الله الوهيبي الحائز على جائزة أفضل رسالة دكتوراه لعام 2009م على مستوى جامعات العالم، والجميل أن الدكتور الوهيبي سيتسلم الجائزة في يومنا الوطني نفسه 23 أيلول (سبتمبر) أثناء الحفل المقام ضمن فعاليات المؤتمر السنوي في مدينة نيويورك. وحصل الدكتور الوهيبي على شهادة الدكتوراه في الإدارة الاستراتيجية من جامعة ميسيسبي الحكومية في أمريكا في أيار (مايو) الماضي وحملت عنوان "المنظور الثقافي لتأثير العائلة والمجتمع على الميزة التنافسية للتنظيمات والدول".
والدكتور الوهيبي عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وحاصل على بكالوريوس هندسة ميكانيكية وماجستير إدارة الأعمال من الجامعة نفسها، وهذا يدل أيضاً على نجاح بعض من جامعاتنا في تخريج كفاءات سعودية متميزة.
3 - النموذج السعودي الثالث المتميز هو الشاب السعودي فاروق الزومان الذي وصل إلى أعلى قمة في العالم هي قمة إفريست وحقق أمنيته بأن أذن في تلك القمة بعد أن عاش رحلة من التحدي والصعاب حرمته النوم في بعض مراحلها لأكثر من 43 ساعة متواصلة.
4 - النموذج السعودي الرابع هو الدكتور عبد اللطيف بن إبراهيم الحديثي الذي حقق بحثه في مجال تطبيقات التسويق الإلكتروني المقــــدم لمؤتمـــر الإبــــــداع العلمــــي sic 2009 الذي عقد في المملكة المتحدة في حزيران (يونيو) لعام 2009م، التميز بين أكثر من 160 بحثا قدمت لباحثين من مختلف دول العالم يأتي في مقدمتها الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، أستراليا، كندا، وماليزيا. وقد حرص رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر على رئاسة الجلسة التي قدم فيها الدكتور الحديثي بحثه لإعجابه الشديد به، وقد نشرت صحيفة "التايمز" وكذلك صحيفة Bank Technology News الأمريكيتين البحث بشيء من التفصيل للاستفادة البنكية منه.
5 - النموذج السعودي الخامس المخترعين السعوديين فارس وراوا أبناء إبراهيم الخليفي (17 و11 عاما) اللذين كرمهما النائب الثاني بمناسبة فوزهما وتمثيلهما المشرف للمملكة في الداخل والخارج واختراعهما أكثر من 27 اختراعا مختلفا.
هذه النماذج التي ذكرتها نموذج للمئات من النماذج الوطنية التي تعمل من أجل رفعة مكانة المملكة محليا وإقليميا ودوليا.
الحدث الوطني الأكبر والأهم هو افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية التي تعد بكل المقاييس مفخرة التعليم السعودي وما واكبها من انتشار للتعليم العالي فاق كل التوقعات من ناحية العدد والنوع، وهذا الإنجاز له لقاء قريب ـ إن شاء الله ـ للحديث عنه. بارك الله في الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد وعالمي الطموح.
وقفة تأمل:
أسأل الله ـ سبحانه وتعالي ـ أن يتقبل منا جميعا صيام رمضان وقيامه، وأن يعيده علينا ونحن في أحسن حال، كل عام وأنتم بخير والعيد مبارك.