الأوقاف من أفضل الأعمال

يتسابق المسلمون في هذا الشهر الكريم إلى الأعمال الفاضلة التي تقربهم إلى الله وترفع من درجاتهم وتزيد في حسناتهم, مستشعرين فضل الإحسان والبر والصدقة, وآملين الحصول على ما وعد الله به المنفقين والباذلين الخير والمحسنين إلى الناس, ومن الطبيعي أن يستغل الدعاة والموجهون هذا الشهر في دعاء الناس إلى هذه الأعمال كون القلوب قريبة والنفوس رقيقة, إلا أن البعض يقصر توجيهه للناس في العبادات المحضة غير المتعدية مثل الصلاة وقراءة القرآن والعمرة والاستغفار والتسبيح وبالتأكيد فإن هذه من أفضل الأعمال, ولكن لا بد من توجيه الناس كذلك إلى الأعمال المتعدية والتي يبقى أثرها ونفعها لمدة أطول ولعدد أكبر من المحتاجين .
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الجانب في أحاديث كثيرة, تحض على نفع الناس بما أمكن من إعانتهم والشفاعة لهم فقد ثبت عنه أنه قال: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، وقال: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، وقال: من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال: اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء ، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله، فقال أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضي له دينا أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد، - يعني مسجد المدينة- شهرا، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضى، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له ثبت الله قدميه يوم تزل الأقدام.
وإن من أفضل الأعمال التي تعود بالنفع على الغير ويبقى أثرها لمدة طويلة: الوقف على أعمال الخير, وبالذات في المناشط ذات النفع العام مثل: بناء المساكن للفقراء وتزويج المحتاجين, ودعم الأبحاث والدراسات النافعة وغيرها من المجالات التي يحتاجها المجتمع, وقد ورد في فضله الكثير من الأحاديث, ومنها: قوله تعالى: «لن تنالوا الْبِر حَتى تنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» وقولُه: ((إذا مات ابن آدم انقطَعَ عمله إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له), وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر بخيبر أرضًا ، فأتى النبي فقال: أصبت أرضًا لم أصب مالا قطّ أنفس منه، فما تأمرني به؟ قال:إن شئتَ حبّستَ أصلَها وتصدّقت بها ، فتصدق بها عمر أنه لا يُباع أصلها ولا يوهَب ولا يورَث، في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضعيف وابن السبيل, وقد استجاب الصحابة إلى هذه التوجيهات فعن جابر قال: ما بقي أحدٌ من أصحاب النبيِّ له مَقدرة إلا وقَف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي