سهيل وتنفس الأرض الصعداء

ما إن يطل علينا الأسبوع الثالث من شهر آب (أغسطس) حتى نرى أن كثيرا من الثمار قد نضج، وحان قطاف ما تبقى منها ولم تعد تحتاج إلى كثير من حرارة الشمس، حتى ثمار التوت البري ذات اللون الكستنائي الجميل التي تختبئ بين الأوراق الخضراء الصغيرة الكثيفة على تلك الأشجار الباسقة لم تعد تخطئها العين، قد ألقت بكثير من ثمارها على جانب الطريق مخلفة ألوانا تميل إلى الحمرة .. ما إن أشاهد كل تلكم الصور في موسم الحصاد السنوي حتى أتذكر نجم سهيل ذلك النجم الساطع المتألق الذي له من اسمه نصيب لسهولة رؤيته وتميزه، فأتطلع إلى السماء للأفق الجنوبي لعلني أسعد بمشاهدة سهيل ذائع الصيت الذي تغني به الشعراء وسرت بذكره الركبان، والذي يُبشر ببدء برود الليل وحان للجزء الشمالي من كوكب الأرض تنفس الصعداء بعد شهور الصيف القائظ وآن لذلك الجزء أن يخلد للراحة حتى حين، واللافت للانتباه أنه عندما ترى سهيلا يخيل لك أنه يتحرك وكأنه يقترب من الأرض بينما هو في أعلى السماء، ويذكرنا ذلك النجم بروعة الفلك ودقته وأناقته الذي خلقه الله تعالى وأبدعه، ورغم أن الفلك من العلوم الموغلة في القدم إلا أنه من العلوم الحديثة التي شغلت علماء العصر وبهرتهم، ورغم أنه تم اكتشاف كثير من عجائب الكون إلا أن العلماء أدركوا أن هناك كثيرا جدا من العجائب والغموض الذي لم يكتشف بعد في ذلك الكون الذي ليس له حدود ولا نهاية، ورغم أن خلق الإنسان من أعجب وأعظم ما خلق الله تعالى وأبدع، لكن يظل الفلك قمة الإبداع والإتقان، فانظر إلى كل تلكم النجوم والكواكب والشهب والنيازك والمذنبات التي تناثرت في أقطاب السماء وفي الفضاء دون أن تصطدم ببعض وكل في فلك يسبحون، فسبحان الخالق القادر على كل شيء.
نعود مرة أخرى لسهيل الذي عادة ما يطلع في (25) أغسطس الموافق الثالث من برج السنبلة والرابع من رمضان المبارك هذا العام لكنه قد يطلع قبل ذلك، وقد عرف ذلك النجم بمشاهدته قبل أوانه ولهذا جاء في المثل: سهيل مكذب العداد، وهو من أشهر الأنجم وأكثرها ذكرا لعلاقته بكفت الثمار وانخفاض درجة الحرارة ودخول الخريف وتأثير ذلك على سكان الأرض، ويشاهد طلوعه في الأفق الجنوبي في السماء فهو من الأنجم اليمانية وكثيرا ما يخلط العامة بينه وبين نجم الثريا الشامية التي تظهر في الشمال لشدة لمعانها، ولكن سهيل يظهر في الجنوب (يماني) ورغم الجمال واللمعان اللافت للانتباه الذي يميل للزرقة والصفرة إلا أنه مرجل ملتهب يتكون من (غاز الهيدرجين + كالسيوم متأين) لذلك أبعده الله عن الأرض (1200) سنة ضوئية وسهيل من ألمع 20 نجما في السماء وترتيبه الثاني في اللمعان ولا يزيد عليه سوى الشعرى اليمانية الأشد لمعانا ودرجة حرارة سطح سهيل ما بين (6500 – 7600) درجة مئوية فإذا كان متوسط درجة حرارة الشمس (6000) درجة مئوية فيمكنك أن تتخيل شدة حرارة هذا النجم، فسبحان الخالق المبدع الرحيم بعباده الذي سخر لهم هذه الأنجم ليستدلوا بها ويستمتعوا بجمالها ولتكون رجوما للشياطين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي