«محاربة الغلاء بالاستغناء»
محاربة الغلاء بالاستغناء شعار حمله عديد من المستهلكين في مختلف دول العالم عندما ارتفعت أسعار المواد الضرورية والاستهلاكية إلى أسعار لم يعد في قدرة ميسوري الحال الحصول عليها, هذا الارتفاع دفع أغلب المحتاجين إلى الاقتراض بحيث تحولت مدخراتهم ومداخيلهم إلى أموال يتحكم فيها الغير وهو ما أدى إلى الأزمة المالية الحالية التي نعيشها اليوم وما ستتبعها من أزمات اقتصادية واجتماعية وصحية لن يسلم منها أغلب سكان العالم. عندما رفعت راية محاربة الغلاء بالاستغناء ثارت ثائرة المنتجين نحو هذه الحملة العالمية التي تدعو المواطنين في مختلف دول العالم إلى الاستغناء عن عديد من المتطلبات حتى إن كانت ضرورية ولم تصل إلى مرحلة الضرورية جدا, وبهذا تدفع البضائع إلى الكساد ورجال الأعمال إلى حالة الإفلاس, وبهذا يتم تخفيض البضائع والعودة بها إلى الأسعار الطبيعية التي يمكن للمشتري الحصول عليها.
جاءت الأزمة المالية العالمية واعتقد عديد من المواطنين أن الأسعار ستعود إلى أقل من سعرها الطبيعي بعد الارتفاعات غير المبررة ولكن ما حدث أن الأسعار المرتفعة بقيت على ما هي عليه وبدأ أسلوب جديد من المماطلة في الأسعار منها أن البضائع الموجودة في المستودعات جاءت أثناء ارتفاع الأسعار وغيرها من المبررات الأخرى. وهنا جاءت الحاجة إلى العودة إلى مبادرة الاستغناء وخرجت مبادرات أخرى مثل ''خلها تصدي'' ردا على ارتفاع أسعار السيارات والمعدات.
إن المتأمل لثقافة المستهلك والمنتج يكتشف أنها ثقافة تبلورت خلال عقود من الزمن, وما نراه اليوم من مبادرات من قبل المستهلك ضد المنتج جاءت ببعض النتائج الإيجابية, ومن هذه النتائج الإيجابية جاءت أهمية الاستمرار في تطوير مبادرات يتبناها مختلف شعوب العالم للعودة بالأسعار إلى وضعها الطبيعي, هذه المبادرات وغيرها جاءت كخاطرة عندما تمت مناقشة أسعار السيارات هذه الأيام وكيف أنها مع انهيار وإفلاس عديد من شركات السيارات إلا أن أسعارها عندنا في السعودية بشكل خاص وفي بعض دول الخليج بشكل عام لم تتغير, بل مع الأسف الشديد ارتفعت بأكثر من 20 في المائة عن أسعار العامين الماضيين. هذه المعلومة التي استمعت إليها خلال الحوار لم أصدقها, وبعد الاجتماع عملت بحثا صغيرا وسريعا عن حقيقة ذلك فوجدت, مع الأسف الشديد مرة أخرى, أن المعلومة دقيقة وفي الوقت نفسه لم تكن المبررات التي أبداها من قابلتهم من وكلاء السيارات منطقية وأهمها أن منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص لم تتأثر بالخسائر والإفلاس الذي تعرضت له شركات السيارات وأن الطلب في الشرق الأوسط ما زال عاليا على تلك الأنواع من السيارات.
بالعودة إلى الحوار حول ارتفاع الأسعار ضمن نطاقنا الخليجي وعدم انسجام ذلك مع الأزمة المالية العالمية وما صاحبها من ركود اقتصادي وانخفاض أسعار كل المنتجات جعل الجميع يطرح السؤال نفسه وهو: ما الحل لجعلنا ضمن نطاق دول العالم لتي تخدم شعوبها ولا تستغل من القريب والبعيد وينظر إليها كشعوب استهلاكية لا تقرأ ولا تتابع الأخبار والأحداث العالمية ولهذا يجب استغلالها وجعلها تدفع جزءا من فاتورة تغير الأسعار؟
ثقافة الاستهلاك التي تتناقض مع مبادئنا الإسلامية المنطلقة من قول الله - سبحانه وتعالى ''وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين''.
ثقافة نحتاج إلى أن نقضي عليها حتى نستطيع أن نقضي على استغلال الآخرين لنا ومن هنا نغير نمط حياتنا الاستهلاكي ونغير نظرة الشعوب الأخرى إلينا من حيث طريقة معيشتنا واستهلاكنا غير المبرر, وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار لدينا وانخفاضها لدى الآخرين, والجيل الشاب السعودي هو الأقدر على تحقيق ذلك - بإذن الله.
إن الجيل الشاب السعودي من الجنسين يحتاج إلى معرفة سلبيات ثقافة الاستهلاك ويعمل للقضاء عليها من خلال المبادئ الاقتصادية الاستهلاكية التي تقوم على مبدأ الاستغناء للقضاء على الغلاء, هذا المبدأ وغيره يحتاج إلى تفعيل قوي وفاعل ودائم حتى تعود المياه إلى مجاريها من جهة ومن جهة أخرى نغير ثقافة الاستهلاك التي تستهلكنا. ولي - بإذن الله - عودة للحديث عن ثقافة الاستهلاك في مجتمعنا.
وقفة تأمل:
'' إلى الله أشكو ضعف الأمين وخيانة القوي''.