يا خوفي من ساهر
أنتظر كغيري لحظة تدشين نظام ساهر نظام الضبط المروري الذي تقوم عليه وزارة الداخلية ، لكي نرى إيجابيات هذه التقنية في التقليل من المخالفات المرورية التي جعلت المملكة العربية السعودية تحتل مرتبة متقدمة (جداً) بين الدول في أعداد الوفيات نتيجة الحوادث المرورية ، والإصابات الخطرة ، والخسائر الاقتصادية التي يتكبدها الوطن الغالي ، وإن كنت على يقين تام أن شوارع الرياض (على وجه التحديد) وبقية مدن المملكة لن تصبح عشية إطلاق العمل بهذا النظام شوارع مثالية ، وأن وضع الشارع السعودي سيتغير بين عشية وضحاها ، ولكن هي خطوة تأخرت كثيراً ولكنها أتت ، ومتأكد أن مسؤولي وزارة الداخلية لديهم العديد من الأفكار والمشاريع والدراسات والخطط التي ستواصل الرحلة بعد تدشين نظام ساهر ، وأن كان النظام قد ركز في بدايته على مخالفات السرعة وتجاوزالإشارة الحمراء (وهذا أمر مقبول ) ، ولكن يجب أن لا يغفل النظام مخالفات أخرى ، لا نستطيع التقليل من خطورتها أو تجاهلها ، فالجميع على معرفة تامة بالفوضى المرورية التي يشهدها الشارع السعودي ، والتي نلاحظها على مدار اليوم .
وعلى الرغم من أننا نعلق على هذا المشروع العملاق آمالاً (ليست كبيرة) في تحقيق السلام المروري لشوارع مدننا الحبيبة، وأن يعطي مستخدمي الطريق حقهم الذي حرموا منه سنوات عدة ، وعلى مرأى من رجال المرور أنفسهم ، هو نظام للضبط المروري ، الذي يعتبر المسؤولية الأولى لرجل المرور ، إلا أنه في الوقت ذاته يجب أن يوجد رجل المرور في الميدان بشكل أكثر كثافة مما كان عليه في السابق ، وأوكد على أهمية وجود رجل المرور ميدانياً ، وهذا أمر في غاية الأهمية لفرض النظام وتطبيقة بكل حزم ودقة ، ولكن شريطة أن يتم إعادة تأهيل رجل المرور في جوانب عدة يعرفها جيداً رجال المرور أنفسهم ، لكي تكون الجهود موفقة، والعمل أكثر مهنية .
ولكن هناك عدة تساؤلات يجب أن يجيب عليها نظام ساهر، لكي نعرف كيف سيتعامل بعد تدشينه مع الحالات التالية:
أولاً .. مخالفة التعدي على عبور المشاة ، حيث اعتاد أغلب قائدي المركبات تخطي خط الوقوف والوقوف على أماكن عبور المشاة ، وهذا أمر سهل بالنسبة للنظام ، ولكن هل سيساوي النظام بين هذا الذي يستمر ويتخطى خط الوقوف وذلك الذي يتخطى خط الوقوف من أقصى اليمين ويلتف يساراً ثم يتعدى على عبور المشاة ؟ مع ما يسببه الأخير من إرباك لحركة السير ومساهمته في تقليل كفاءة تشغيل التقاطع؟
ثانياً .. كيف سيخالف النظام السائق المستخدم للمسارات المخصصة للدوران لليسار ثم يستمر للأمام، سواءً كانت هذه المسارات مفصولة بجزر توجيهية أم لا ؟ لأن هذا التصرف الأناني يؤدي إلى إرباك حركة السير وتقليل كفاءة التقاطعات التشغيلية، كما يؤدي في بعض الحالات إلى حوادث مرورية لا سمح الله.
ثالثاً .. كيف سيخالف النظام السائق الملتف لليسار من المسار الأيمن أو من أحد المسارات الأخرى المخصصة للاستمرار للأمام ؟
رابعاً .. كيف سيخالف النظام السائق الذي يتوقف في المسار المخصص للدوران لليمين؟
خامساً .. كيف سيتعامل نظام ساهر مع حركة اللف لليمين عندما تكون الإشارة الضوئية حمراء؟ ونحن نعرف أن الانعطاف يميناً في التقاطعات المحكومة بإشارات مرورية ضوئية ليست مخالفة، حيث إن النظام الآن سيرصد جميع المركبات التي تتجاوز خط الوقوف Stop line أو معابر المشاة الأرضية ويقوم تلقائياً بمخالفتها ، وبعد ذلك تبدأ دورة توثيق المخالفة آلياً حتى وصول المعلومة إلى قائد المركبة بأنه قد أرتكب مخالفة ، وهو في حقيقة الأمر ليس مخالف ، لأنه لم يتجاوز الإشارة وهي حمراء ولكنه لليمين .
لذا فالنظام لديه أمران .. أما أنه سيخالف جميع المركبات التي تلف باتجاه اليمين والإشارة حمراء ، وهذا قانونياً مخالف للحقيقة ،أو سيمنع المركبات من اللف يميناً عندما تكون الإشارة حمراء Stop on Red وهذا سينعكس سلباً على كفاءة التقاطع التشغيلية لأن قائدي المركبات سيجبرون على التوقف التام واللف فقط في حال الضوء الأخضر، أو سيصنفهم النظام تلقائياً مخالفين ، وكلا الأمرين في غاية الصعوبة.
لذا فإن إيجاد الحلول الجذرية لمثل هذه الإشكاليات قبل تدشين النظام أمر جوهري لا بد من تحقيقه، لكي يتحقق الهدف المرجو منه.