الإرهاب وإضعاف الحق الإسلامي
لم يكن أحد يتوقع أن تصرفا أحمق مثل الذي حدث في 11/9/2001 سيؤدي إلى ظلم عظيم على الإسلام والمسلمين, هذه الخاطرة جاءت وأنا أتابع بكل الألم والحسرة ما يحدث في إقليم شينج يانج الصيني المسلم من قتل واضطهاد وظلم ومع ذلك ينظر إليه العالم على أنه ضمن مفهوم محاربة الإرهاب, فحكومة الصين تطلب من العالم الوقوف معها ضد الإرهاب الإسلامي في ذلك الإقليم, وبهذا أصبحت أي مطالبة إسلامية بأي حق مشروع سيتحول إلى إرهاب, والأخبار تنقل لنا أن جميع المساجد في إقليم شينج يانج أغلقت ومنعت الصلاة فيها منعا لانطلاق الأعمال الإرهابية منها, وبهذا أصبح المجتمع المسلم يعذب ويقتل ولا يتحرك العالم لأنه أصبح يخاف من المسلمين والإسلام وينظر إليهم على أساس أنهم دعاة إرهاب وقتل وإفساد في الأرض.
إن الجريمة التي ارتكبتها مجموعة ممن تعتقد أنها تخدم الإسلام في 11/9 جعلت العالم أجمع يتحد ضد المصالح الإسلامية والمسلمين في كل مكان وأعطوا لمن يرغب في الإساءة إلى الإسلام كل الدوافع والأسباب لتلك الإساءة وجعلت من لا يعرف الإسلام والمسلمين يعرفهم من خلال المفهوم والسلوك والأسلوب الإرهابي وجعل كل أطفال العالم ينظرون إلى الإسلام والمسلمين كإرهابيين يكرهون العالم ويرغبون في تدميره وأنهم لا يؤمنون بحق البقاء إلا لهم وأنهم بذلك يعيدون نظرة الفكر الدكتاتوري للعالم على نسق هتلر وغيره.
لقد تغير وضع المجتمع الإسلامي, خصوصا المسلمين المقيمين في دول الغرب, إلى الأسوأ ويخطئ من يعتقد أو يقول بعكس ذلك, لأن التحجير عليهم ومراقبتهم ومحاربتهم ومنعهم من ممارسة دينهم خوفا من تحول تلك الممارسة إلى إرهاب وقتل, ولعلنا جميعا نعيش مأساة ما تعرضت له الدكتورة مروة الشربيني من قتل بسبب حجابها وهو ما لم نتعوده قبل 11/9 لأن قاتلها أكد أنها إرهابية وتستحق الموت وذلك بسبب الصورة السوداوية التي رسمها الفعل المشين في 11/9 في أذهان جميع المجتمعات غير الإسلامية وهو ما استغله أعداء الإسلام للتأكيد على همجية الإسلام والمسلمين وأنهم قتلة وأعداء للبشرية, ولعلنا نذكر في أواخر السبعينيات الميلادية كيف كان الإعلام الغربي يصور العرب والمسلمين على أنهم متخلفون من خلال الإعلانات التلفزيونية ما أعطى هذا الانطباع عنا جميعا ثم مع الانفتاح على الغرب وبداية استيعابهم للمجتمع العربي الإسلامي جاءت أحداث 11/9 لتقلب الطاولة وتعيد تشكيل الذهنية العالمية عن الإسلام والمسلمين إلى أنهم همج وبربر وأعداء للبشرية.
إن قراءة متأنية للأحداث التي صاحبت الفكر الإرهابي وانعكاسها السلبي وأثرها القاتل في الدين والمجتمع الإسلامي وما كونته من رؤية عالمية عنهما تجعلنا جميعا نعود بالفكر نحو النظرة الصائبة لما يحب أن نكون عليه, ولعل المتأمل لتلك الأحداث وما صاحبها من أضرار بالإسلام والمسلمين يعيد النظر في هذا الفكر الضال المضل وعلى شبابنا الإسلامي بشكل عام وشباب السعودية بشكل خاص ممن يؤمنون بمثل هذا الفكر أو يدافعون عنه أو لا يعارضونه, أن يعيدوا النظر ويتأملوا كيف أن مثل هذه التصرفات الطائشة أدت إلى هذا الضرر الكبير على الإسلام والمسلمين, وأننا نحتاج إلى عشرات السنين من العمل الجاد لإصلاح الصورة والعودة بها إلى ما قبل 11/9 , ولعل الإخوة والأخوات المسلمين الذين يعيشون في الغرب ممن كان لهم الأثر الإيجابي في إيضاح الصورة المشرقة للإسلام قبل 11/9 يحدثوننا عن الأثر السلبي فيهم وفي دينهم نتيجة ما حدث بعد 11/9.
لقد نجح الإسلام في الوصول إلى أصقاع الأرض من خلال القدوة الإسلامية السليمة من التجار والمسافرين الذين جابوا أرجاء المعمورة وتركوا الأثر الإسلامي الإيجابي عنهم وعن دينهم, ما جعل ملايين البشر يعتنقون الدين الإسلامي, وفي المقابل كيف أن الإفساد والإرهاب جعل عديدا من شعوب العالم يرتدون عن الإسلام ويخافونه نتيجة تصرفات أبنائه.
العالم يحتاج إلى القدوة الصالحة, ونحن نملك تلك القدوة من خلال إبراز محاسن الإسلام والدعوة للسلام وأمان البشرية كيف لا وهو الدين الذي يبدأ بالسلام ويكرره في كل صلواته ولقاءاته واجتماعاته, والعالم يريد أن يعرف هذا المفهوم من خلال الممارسة وليس من خلال الكلام فقط. ولهذا دعونا نعمل من أجل وطن سعودي الانتماء, عربي اللسان, إسلامي المعتقد وعالمي الطموح.