الاكتتابات للجمهور فقط

قد تكون السوق السعودية من أشجع الأسواق التي واصلت الطرح العام لأسهم شركات في قلب الأزمة المالية العالمية بدءا من طرح شركة عذيب في آذار (مارس) الماضي التي تغطت بنسبة 350 في المائة، ثم عدة شركات تأمين، ثم تلاه - مع انفراج الأزمة - طرح أسهم شركة الأنابيب السعودية مع علاوة إصدار كبيرة 150 في المائة، ومع ذلك تغطت بنسبة 344 في المائة. وفي الأسبوع الماضي انتهى طرح 240 مليون سهم من أسهم شركة بتروكيم في قطاع حيوي هو البتروكيماويات. ولم تتم هذه الطروحات إلا بعد التأكد من أنها ستجد إقبالاً كبيراً رغم الأزمة العالمية، وانخفاض الدخول، مع تدهور السوق المالية، وانخفاض عوائدها الربحية. ويعود ذلك إلى ميزة اختص بها السوق السعودية والاقتصاد السعودي قد لا تتوافر في أي اقتصاديات أخرى وهي تواصل النمو الكبير في السيولة، حيث إن نمو عرض النقود في حزيران (يونيو) الماضي قد تجاوز 16 في المائة، وهو مقارب لنمو 2008 عند 17.6 في المائة. هذا على الرغم من تراجع أسعار النفط من 150 دولاراً للبرميل في تموز (يوليو) الماضي إلى نحو 60 دولاراً حالياً، بانخفاض تجاوز 100 في المائة.
وتلك السيولة لم تجد أفضل من الاكتتابات في الأسهم لسبب واحد وبسيط ومنطقي وهو العائد الكبير من تلك الاكتتابات فالعائد من المكاسب الرأسمالية من تلك الاكتتابات يفوق أي عوائد أخرى بشكل مغر للغاية، حتى مع وجود اكتتابات بعلاوة إصدار وصلت إلى 150 في المائة كما هو الحال في شركة الأنابيب، فإن المكاسب الرأسمالية من أي من الطروحات لن تقل عن 15 إلى 20 في المائة على أقل الأحوال وفي أقل من عام، مما يبرر الإقبال الشديد على الاكتتابات. لذا فإن طرح 80 مليون سهم فقط من أسهم شركة بتروكيم للجمهور لا يتناسب والإقبال الكبير على الاكتتابات، حيث تجاوز الاكتتاب في شركة بتروكيم حتى يوم الثلاثاء الماضي 123 في المائة، وهي نسبة كبيرة مما يجعلنا نطالب بتخصيص 160 مليون سهم للجمهور، إن لم يكن كامل حصة التأمينات والتقاعد، ليصبح المطروح هو كامل الأسهم (240 مليون سهم) للجمهور. ويتماشى ذلك مع سياسة الحكومة في تعويض المتضررين في سوق الأسهم بطريقة غير مباشرة، وإتاحة مشاركة شعبية أكبر من جيل اليوم. ذلك أن تخصيص 160 مليون سهم للتأمينات الاجتماعية والتقاعد فيه نقل للثروة من جيل اليوم إلى جيل المستقبل، في ظل تعطش جيل اليوم إلى مثل هذه الفرص. لذا أجد نفسي أطالب بتخصيص كامل الاكتتاب في بتروكيم لجيل اليوم، بل يجب أن تكون كل الاكتتابات المقبلة لمصلحة جيل اليوم، حيث إن الإقبال الكبير على الاكتتابات يدعم هذا التوجه، ويثبت خطأ من طالب بتأجيل الاكتتابات ''انظر مقالي أوقفوا الاكتتابات.. أوقفوا النمو! في هذه الجريدة في 14 حزيران (يونيو) حول ممانعتي لتأجيل الاكتتابات''.
وأستطيع أن أضيف أنه يجب إعادة التفكير في طريقة تسجيل الأوامر، حيث يجب أن يطرح كامل الاكتتاب للجمهور، قبل أن يطرح إلى الصناديق. وألا تكتتب الصناديق إلا إذا حدث نقص في التغطية من الجمهور. ويتطلب ذلك وضع علاوة إصدار معقولة، فنسبة علاوة الإصدار على شركة الأنابيب بنسبة 150 في المائة تعد عالية، على الرغم من أنها طرحت بسعر عند معدلات ربحية مقاربة للسوق. إلا أن ذلك غير مبرر لأن فائدة الطرح للشركة المغلقة أفضل للمؤسسين وللشركة من الفائدة التي سيجنيها المكتتبون في المديين القصير والطويل فطرح أسهم الشركات للاكتتاب يجب ألا ينظر له على أنه بيع حصص وتعظيم الأرباح منها، بقدر الفوائد الكبيرة التي يجنيها المؤسسون والشركة من سهولة الحصول على التمويل ، وسهولة التخارج، وتحقيق مكاسب رأسمالية للمؤسسين في الوقت الذي يرغبون فيه وبتكاليف رخيصة جداً، ناهيك عن زيادة الكفاءة والفاعلية والشفافية والإفصاح عند طرح الشركات في أسواق الأسهم.
لذا فإن مزيداً من الطرح حتى في ظل الأوضاع المالية مطلب استثماري يجب أن يكون من أولويات هيئة السوق المالية في المرحلة المقبلة، مع تشجيع مزيد من الشركات على الإدراج عند أسعار معقولة للفوائد الكبيرة التي يجنيها جميع الأطراف، ويحقق نموا أفضل للاقتصاد المحلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي