عندما نتعامل مع هؤلاء

إنهما صديقان حميمان ولقد اتفقا على أن يشتركا سويا في تأسيس شركة لأن لديهما فكرة رائعة بخصوص تقديم منتج مبتكر أو خدمة جديدة، وقد قدما الكثير من الوقت والجهد والطاقة لهذا المشروع الجديد، ولأنهما في غاية الانشغال من أجل تسيير الأمور وإنجاح المشروع فلم يقوما بإعداد أو توقيع أي وثيقة قانونية رسمية خاصة بهذه الشركة، كما أنه ليس هناك توصيف واضح لوظيفة كل منهما يجعل الأدوار والمسؤوليات المطلوبة من كل منهما موصفة بدقة أو طرق محددة لتسوية المسائل المالية أو مشاركة الأرباح فعلاقتهما أعمق من ذلك، وهما يعتزمان المضي في هذا الأمر معا على طول الطريق.
لنلق نظرة على هذه الصورة بعد بضع سنوات، فقد أصبحت الشركة تكافح وتسير بخطى متعثرة، وهذا لأن أحد الطرفين يريد السيطرة والتحكم في كل شيء ولا يسمح لشريكه باتخاذ أي قرارات دون إذن منه أو دون الرجوع إليه، أما عن الموارد المالية للشركة فقد أصبحت مقيدة ولا يمر أسبوع واحد دون أن يشهد وقوع مشادة أو نشوب مشاحنة بينهما بشأن الطريقة التي يتعين بها إنفاق إيرادات الشركة، فأحد الطرفين يميل إلى القيام بإعادة استثمار الأرباح في الشركة وبالتالي يتحقق لها النمو والازدهار، بينما الطرف الآخر يتخذ موقفا مخالفا إذ إنه يريد الحصول على حصته من الأرباح أولا بأول، وبصورة تدريجية تتطور الأزمة ويطلب أحد الشريكين أن يفض هذه الشركة، ولأنه ليست هناك وثيقة رسمية قانونية خاصة بالشركة من الأصل فإنه لم يكن هناك شرط يلزم الطرف الآخر بقبول فكرة فض الشركة، وفي نهاية الأمر يقوم كل منهما بتأسيس فريق قانوني خاص به وتظل المعركة دائرة بينهما.
إذا كنت في الوقت الحالي بصدد الترتيب والإعداد لتأسيس شركة مع طرف أو أكثر، أو كنت تفكر في القيام بشيء مماثل في المستقبل فعليك تجهيز وثيقة قانونية أو دليلا للسياسات يشمل جميع التفاصيل والسيناريوهات المتوقعة، واحذر الروابط العاطفية، فالحقيقة التي لا تقبل أي نقاش التي تؤكد أن شريكك الجديد هو شخص طيب أو هو أعز أصدقائك، ليست سببا كافيا تجعلك تنحي فكرة الاتفاق المكتوب جانبا أو تتغاضى عنها.
إن الافتقار إلى القدرة على النظر في العواقب إلى جانب عدم الإعداد الجيد للأمور هما ما يقومان بتدمير الشركات اليوم أكثر من أي شيء سواهما، فإذا ما وجدت نفسك تنساق نحو نفس السقوط التدريجي فبادر على الفور بأخذ وقفة ذهنية مع نفسك واقطع السبيل على النمط المتكرر للسقوط وحاول اعتراضه بالفكر الواضح وقرر إجراء تعديلات إيجابية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي