سوق الصكوك .. الواقع والمستقبل
إن تدشين وبدء العمل في السوق الآلي الجديد الخاص بالصكوك يعد أحد المعالم الرئيسة في تطور أسواق رأس المال في المملكة، كما أنه يمهد الطريق نحو المزيد من التطور لتكون الصكوك مصدراً لتمويل الشركات والمشاريع بتكلفةٍ منخفضةٍ نسبياً، وفي الوقت ذاته يعدُّ أداةً استثماريةً منخفضة المخاطر للمستثمرين الراغبين في الاستفادة من عوائدها الدورية.
إلا أن هنالك جُملةً من المتطلبات التي ينبغي مراعاتها لاستمرار تطور سوق الصكوك في المملكة، من أهمها ما يتعلق بمصدري الصكوك حيث نلحظ قلة الشركات التي تحظى بتصنيف ائتماني عالٍ يمكنها من إصدار الصكوك والحصول بالتالي على المبالغ المطلوبة بتكلفة مناسبة. وتنبع أهمية التصنيف الائتماني من كونه أداةً تساعد المستثمرين على اتخاذ قرارات شراء الصكوك من عدمها خصوصاً عندما يتم تسويق الصكوك مستقبلاً للمستثمرين في خارج المملكة سواء الصناديق السيادية أو الشركات الأجنبية.
كما أن تنوع وتعدد فئات كبار المستثمرين في هذه السوق سيكون له أثر كبير في زيادة حجم التداول، وبالتالي القدرة على تسييل الصك دون الاضطرار إلى التعرض لخسائر. حيث إن حجم التداول يمثل إحدى عقبات تطور سوق الصكوك السعودية في الوقت الحالي، وذلك لكون أغلبية المستثمرين يفضلون الاحتفاظ بالصكوك حتى تاريخ استحقاقها. كما أن زيادة عدد إصدارات الصكوك وتعدد أنواعها سيجلب مستثمرين جدداً لسوق الصكوك مما سيكون له أثر في زيادة أحجام التداول.
كما سيبقى الابتكار في هيكلة الصكوك مع مراعاة الجوانب الشرعية والائتمانية التحدي الأكبر في صناعة الصكوك، خصوصاً عند استشراف المستقبل فيما يتعلق بإصدار الصكوك القابلة للتحول إلى أسهم أو ذات الكوبون الصفري أو تلك التي تصدر لحكومات وشركات أجنبية ويتم طرحها وتداولها في المملكة.
وأخيراً ضرورة العمل على نشر ثقافة قراءة نشرات إصدار الصكوك حيث إنها تحتوي على المعلومات المتعلقة بالمخاطر المحتملة لهذه الصكوك والبيانات المالية الخاصة بالمصدر وآلية هيكلة الصكوك وموجوداتها. كما أن إعداد هذه النشرات يستغرق كثيرا من الوقت والجهد من قبل الشركة المصدرة والمستشارين المالي وكذلك القانوني، وتتم مراجعتها والموافقة عليها من قبل هيئة السوق المالية حتى تصبح بالتالي نشرةً تمكن المستثمر من الاطلاع على تفاصيل هذه الصكوك واتخاذ قرار الاستثمار فيها.
سيكون لهذه المتطلبات متى ما تمت بالغ الأثر في استمرار تطور سوق الصكوك مما يؤهله لأن يكون أحد أسواق الصكوك الرائدة في المنطقة والعالم وبالتالي هدفاً لإصدار وإدراج مختلف الصكوك الداخلية والخارجية - بإذن الله.