الصين تسبب القلق

النزاع حول بحر جنوب الصين يشمل ست دول: الفلبين وماليزيا وبروناي وإندونيسيا وفيتنام والصين، وفي السابع من أيار (مايو) 2009، قامت ماليزيا وفيتنام بطلب مشترك عن منطقة في بحر جنوب الصين، وفي الثاني من أيار (مايو) 2009، قدمت فيتنام وحدها طلبا حول منطقة قرب وسط بحر جنوب الصين.

وفي وقت سابق دعت فيتنام بروناي للقيام بطلب مشترك مع ماليزيا وفيتنام يتعلق بالمنطقة في جنوب بحر جنوب الصين، ووافقت بروناي، وبالمناسبة لم تقدم بروناي أي طلب، ومن ناحية أخرى لم تحتج على طلب ماليزيا وفيتنام المشترك.

ولم تقدم الفلبين طلبا حول أي منطقة في بحر جنوب الصين، ووفقا للفلبين فإن سبب عدم التقدم بمثل هذا الطلب هو تجنب خلق صراعات جديدة أو مفاقمة الصراعات القائمة، ولم تحتج الفلبين على تقدم فيتنام أو ماليزيا بأي طلب والطلب الفيتنامي المشترك.

ورغم اختلافاتهم حول سبارتليس، فإن ماليزيا وفيتنام وبروناي والفلبين قد تشاورت وعملت معا وأتاحت كل منها الفرص للمشاركة وأحجمت عن إطلاق مزاعم مفرطة ربما كان لها أن تعتدي على حقوق الدول الأخرى، وهذا مؤشر مشجع على الصراعات في بحر جنوب الصين.

وعلى نقيض هذا، لم تقدم الصين بأي طلب مشترك مع أي بلد، وبدلا من ذلك احتجت على طلب فيتنام والطلب المشترك من جانب ماليزيا وفيتنام.

ووفقا لميثاق الأمم المتحدة حول قانون البحر فإن كل دولة ساحلية يحق لها منطقة اقتصادية حصرية تصل إلى 200 ميل بحري عن حدودها، والمادة (76) من هذا القانون تنص على المعايير التي قد تطالب بها دولة ساحلية بحيد قاري ممتد يتجاوز 200 ميل بحري، والحدود الخارجية لهذا الادعاء يجب تقديمه للجنة حدود الحيد القاري التابعة للأمم المتحدة، للمصادقة عليها، وموعد التقديم بالنسبة لمعظم الدول كان 13 أيار (مايو)2009.

سوف تتفحص لجنة حدود الحيد القاري المطالب الخاصة بالدول الساحلية على مسافات تمتد إلى ما يتجاوز 200 ميل بحري.

وليست لدى هذه اللجنة تفويضات أو سلطات لتسوية النزاعات على الأراضي، كما أنه ليس بإمكانها رفع أي توصية من شأنها أن تؤثر سلبياً في حل مثل هذه الخلافات في المستقبل. ولكن إذا أسست أي دولة ساحلية حدودها البحرية على أساس قواعد هذه اللجنة، فإن هذه الحدود تصبح نهائية، وينبغي الالتزام بها. ومع أن هذه اللجنة حيادية إزاء الخلافات حول الأراضي، فإن هنالك مطالب بأن يتم التصديق من قبلها على الحدود الأخرى المتعلقة بالحيد البحري، الأمر الذي يجعل لها أثراً في حل بعض تلك النزاعات.

نجد أولاً أن قواعد هذه اللجنة لها أثر تشجيع الدول الأطراف في النزاعات على أن تكون محددة ودقيقة فيما يتعلق بحدود مطالباتها. وأن معرفة ما هي المطالبات المختلفة، على وجه الدقة، شرط مسبق لتسوية الخلافات بين هذه المطالبات. وأما الأمر الثاني، فهو أن هذه القواعد ذات أثر في تشجيع الدول المتنازعة على العمل معاً لتحديد الحدود الخارجية لمناطق الحيد البحري الخاصة بها. وإن من شأن هذا التعاون زرع بذور مزيد من التنسيق والتعاون في حل الصراعات.

أما الأمر الثالث، فهو أن قواعد الأمم المتحدة الخاصة بتحديد مناطق الحيد البحري القائمة على أساس علمي محايد، تجعل البلدان ذات المطالب المتجاوزة في وضع غير ملائم. و ما لم تعدّل تلك الدول مطالبها غير المنطقية حتى تفي بشروط قواعد الأمم المتحدة، فإن من غير المتوقع أن تقبل اللجنة بتلك المطالب.

أما الأمر الرابع، فهو أن إجراءات هذه اللجنة لا تحابي الدول الأقوى على حساب تلك الأضعف منها. وبالتالي فإن هذه الإجراءات تضمن تطبيق مبادئ العدالة على جميع الدول.

إن احتجاجات الصين، والاحتجاجات المشتركة من جانب كل من ماليزيا، وفيتنام، لا تستخدم أياً من المعايير العلمية الخاصة في الأمم المتحدة لتحديد مناطق الحيد البحري. وبدلاً من ذلك، فإن احتجاجات الصين تشير إلى الخط الصيني على شكل حرف U الذي يلتف حول 80 في المائة من بحر الصين الجنوبي.

ومن الجدير ملاحظة أن الصين لم تتقدم بأي مطالب محددة للجنة بخصوص بحر الصين الجنوبي. وإن سبب ذلك واضح، حيث من المستحيل تبرير خط الصين على شكل حرف U باستخدام المعايير العلمية الخاصة بالأمم المتحدة فيما يتعلق بالحدود الخارجية للحيد القاري. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تقدمت فيها الصين بهذا المطلب على شكل حرف U إلى إحدى منظمات الأمم المتحدة في إطار حل الخلافات البحرية. ويعمل الجانب النوعي على تغيير وضع هذا الخط من ادعاء غامض إلى شيء يمكن تفسيره على أنه ادعاء فعلي خاص بالحدود البحرية، وقاع البحر، وشبه التربة ضمن حدود ذلك الخط. وعلى منطقة جنوب شرقي آسيا، وبقية دول العالم الساحلية أن تهتم بهذا التطور.

ويمكن القول باختصار إن الإجراءات اتخذتها بعض الدول إزاء المطالبات المقدمة إلى اللجنة سلطت الضوء على أسلوبين مختلفين في النزاع الخاص ببحر الصين الجنوبي. ويرى الأسلوب الذي اتخذته خمس دول في هذه المنطقة استثناء الخلافات الخاصة بالنزاعات حول الجزر، وذلك لتطبيق قواعد الأمم المتحدة بين بعضها البعض في سبيل تحديد الحدود البحرية. وأما نهج الصين، فهو رفض قواعد الأمم المتحدة، والعمل باستمرار على السيطرة على 80 في المائة من بحر الصين الجنوبي. وبسبب الخلافات الرئيسة بين هذين النهجين، فإنه سيكون من غير المؤكد التمكن من حل الصراعات حول بحر الصين الجنوبي سلمياً، وقانونياً، وبأسلوب عادل، خلال المستقبل المنظور.

خاص بـ "الاقتصادية"
حقوق النشر: OpinionAsia

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي