كركبة اسمها التنمية!

لماذا تقتضي مظاهر التنمية لدينا أن نعيش في كركبة لا أول لها ولا يبدو أن هناك آخر!
يجيب صديقي الشاب "نفنف" قائلاً: وكيف عساهم سيلفتون انتباهك إلى أن هناك عملا تنمويا قائما في كل ركن تقريباً؟! كيف سنخبر المواطن والمقيم والزائر إلى أننا نستعد لتوديع مرحلة التحنط في خانة العالم الثالث لننطلق إلى "برحة" العالم الأول؟! إن ما تراه يا أخي المتشائم، يقصدني أنا، من حفر ثم دفن، وقطع متبوع بوصل، وهدم ملحوق بتشييد سيستمر حتى تنتهي الخطة المرسومة للتمظهر والانشكاح فيما قبل التمدد والمستراح!! وأتبعها بجملة نهي مرسلة بنبرة حادة حين قال: "بطلوا عوايدكم وبدلوا نظاراتكم السود بنظارات خضراء يا جيل الإحباط"!
وفعلاً.. لملمت هزيمتي وذهبت من فوري لشراء نظارات خضراء وعدت لأستبصر اخضراراً في ذات البؤر.. فلم أجد سوى حفرية مائلة للخضرة، ورصيفا مهشما مشواب باخضرار، وسيارات نقل ثقيل أصابتها خضرة المشهد بعد أن عطلت سير المكافحين!
صحيح أن العمل التنموي يبدأ من الرصيف ولا ينتهي عند إنشاء جامعة، بعكس التطوير الذي يراوح في منطقة تحسين ما هو قائم أصلاً، ولكن لا يعني هذا بالضرورة أن نعتقد أن كل حفرية هي "تنمية"! وقد علمتنا التجربة أن الخطط السابقة لم تلامس ولو ربع التطلعات لأن ذهنية التنفيذ كانت محكومة بقاعدة ذهبية تقول: " إذا طلع سهيل.. تغط بالليل!"، وفي رواية أخرى: "شي أزين من لا شي!".. واعذروني لو شككت في أن الذهنية القائمة اليوم على إدارة هذه الحفلة التنموية قد ابتعدت عن ذهنية الطفرة الأولى!! إذاً، وهذا في رأيي، نحن ننتظر أن تنتهي شكليات التنمية القائمة لنستعد بعدها لممارسة دورنا كشعب (عالم أول) ونطالب بإزالة جبال فضلات الأسمنت والأسفلت التي كدسها المقاولون أمام بيوتنا وعن يمينها وشمالها من خلال المجالس البلدية.. مثلاً؟! أم هل سنمارس دورنا كشعب (عالم أول) من خلال المباهاة بعدد "الدوارات" التي تم استحداثها حتى في شوارع بعرض 15مترا؟!
ما لا يعلمه البعض، وخصوصاً المراهنون على إمكانية إلحاقنا بركب العالم الأول، هو أن مفهوم (العالم الأول) بدأ ينقرض ويتآكل... والدليل أن الصين اشترت المصنع الذي ينتج سيارات "هامر"، وأن الاقتصاد العالمي انهار، وأن ما يحفظ للغرب شيئا من مكانته حتى هذه اللحظة هو كذبه في السياسة وصدقه في التنمية واستدامتها!

هرجة:
وصلتني رسائل كثيرة تطالب بالرد على ما أثير إلكترونياً في تصريح من "ناصح" يقول: إن بعض رسامي الكاريكاتير مرضى نفسيون وإن ما يقدمه الكاريكاتير السعودي يعد عملاً بلا مقصد!
أقول: أولاً، لا أحسب أن الأخ الكريم تعمد استخدام الاعتلال النفسي للمعايرة، وأحسبه مدركا لأثر هذا التشبيه والوصم على نفسية من قدر الله عليهم الإصابة بالاكتئاب أو القلق أو حتى الرهاب الاجتماعي ويتخذون من المنصحين قدوة لهم!
ثانياً، الكاريكاتير يطرح رأياً، ولا يدخل في مساحات الوعظ، ولهذا يستعصي على البعض استقراء دلالاته خصوصاً إذا تعود العقل على الخطاب المباشر!
أرجو أن يكون في هذا ما يفيد، وعفا ربي عمّا سلف!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي